اكتمل مخطط إسقاط صنعاء وتسليم مؤسسات الدولة الذي تصدره صالح وجماعة الحوثيين المسلحة وبدعم وزير دفاع هادي محمد ناصر احمد.. بظهور وتشكل القوة من ثلاثة كيانات متوازية: الحوثيون، الرئيس هادي، علي صالح..
ولكل منهما أهداف ودوافع متشابكة ومتفاوتة، كلاهما اجتمعا وتخلصا من قوى الثورة.. تحاول اطراف دولية واقليمية التنسيق بين هذه القوى وإدارتها لإعادة ترتيب الوضع في اليمن بما يكفل عدم الانهيار الكامل لما تتبقى من دولة.
لكن الوضع الذي ترتب على اجهاض التسوية السياسية (المبادرة الخليجية) واسقاط صنعاء بيد الحوثيين وما رافق ذلك من صمت وتواطؤ اقليمي ودولي، وما ترتب على ذلك من استيلاء على الدولة وتصفية الخصوم السياسيين ونهب واقتحام لممتلكاتهم ومنازلهم..
يجعل احتمال فض الصراع فيما بينها للاستيلاء على الحكم بطريقة عسكرية اكثر احتمالا.. ويبدو خيار التحالفات السياسية غير محتمل ورهن الاذعان للضاغط الاقليمي والدولي.
اتفاق السلم والشراكة اصبح الانقضاض عليه من قبل هذه القوى عامل زمن بعد افراغه من محتواه.
كما ان هذه القوى الثلاث التي بنت قوتها اجتزاءً من قوة الدولة تراهن على عدة أوراق لفرض خيارها.. يراهن الحوثيون على التفاهمات الدولية بين ايران وامريكا كأحد المحددات الخارجية، التي ترى أنها ستجبر هادي على الانصياع لرغبتها واهدافها السياسية بعد تطبيعها الوضع عسكرياً عوضاً عن دمج عناصرها في الجيش والأمن فعلياً.
ومن جهتهم يقوم الحوثيون بتحركات سياسية اقليمية لإنتاج وضع جديد يضعف القوى الأخرى.. ويعزو البعض ان طرح سلطنة عمان لمبادرة خليجية ثانية بتنسيق مع الحراك والحزب الاشتراكي تقضي بإعادة النظر في الأقاليم واعتماد الفيدرالية من اقليمين احد ثمار هذه التحركات.. وبطرح الفيدرالية من اقليمين تم كشف تحالفات جديدة ظهرت على السطح بين الحوثيين والاشتراكي والحراك الجنوبي، أكده بيان الحزب الاشتراكي الصادر نهاية نوفمبر الماضي.
يستخدم الحوثيون خيار الفيدرالية من اقليمين تكتيكاً و طُعماً لاستخدام الحراك الجنوبي والاشتراكي في تنفيذ اجندتهم للسيطرة على القوة في صنعاء وإضعاف الأجندة السياسية الأخرى.
تزامن ذلك مع توقف لتحركات عسكرية كان الحوثيون حشدوها لحسم السيطرة على اقليم سبأ الجبهة الاولى للحدود اليمنية السعودية.
ويعمل الحوثيون في اكثر من جهة واكثر من تنسيق، فهم سياسياً اعلنوا عن تفاهمات اجروها مع حزب الاصلاح احد اكبر الأحزاب اليمنية، الذي ساهم بالدور الاكبر في اسقاط صالح في 2011م
وعلى ما يبدو فإن كل التحركات السياسية التي يجريها الحوثيون رغم سيطرتهم الفعلية على القرار - كما افصح بذلك مستشار الرئيس هادي- إلا ان خيار تطبيع الوضع عسكرياً هو الخيار الذي يحسم ويحكم توقعات الحوثيين و الاكثر احتمالاً بالنسبة إليهم.
أيضاً هناك العديد من العراقيل التي تقف في وجه الحوثيين في السعي للسيطرة على الدولة بمفردهم، أولها الرفض الشعبي الواسع، الذي يعتبر سيطرتهم على الدولة عملا مليشاويا وتم بتنسيق ممن يدير الدولة وخلافا للمطالب التي طرحوها "كالجرعة السعرية" وغيرها.
أيضاً قناعات القوى المحيطة بهم والمتواجدة في إطارهم تعتقد ان استيلاءهم على الدولة وفرضهم للأمر الواقع مجرد انتفاضة إلى زوال.
كان الرئيس هادي يسوده التفاؤل المفرط ليلة سقوط صنعاء - حد تعبير- مروان الغفوري، والعلاقات المتوهمة، وكان بحاجة الى تقليل القلق، وهو ما أدى الى سوء تقدير للموقف.. وساد موقفه الكثير من الغموض عند البعض.
لكنه اليوم اصبح احد ثلاثي القوة المتجزأة من الدولة، ويملك شرعية سياسية محاطة بدعم امريكي بريطاني كانت كفيلة ان تقف معرقلة للحوثيين وصالح، حالت دون حسمهم لأمر الرئيس هادي.
يقوم هادي بعلاقات متبادلة مع الحوثيين استخدمهم للتخلص من قوى الثورة الاصلاح والقوى القبلية ومستشاره الامني اللواء الاحمر.
ولازال يحظى بدعم دولي من قبل امريكا وبريطانيا كفيل بأن يستديم قوته لساعة الصفر.. ونلاحظ أن تحركات الرئيس هادي ففي تعزيز القوة يركز على اظهار امتهان الحوثيين للدولة وسيطرتهم عليها ويهدف من ذلك تعزيز التفوق والرفض الشعبي لهم ووضعهم في مواجهة حقيقية مع الدول الداعمة لليمن.. وكانت مصادر اعلامية تحدثت ان دعم السعودية لليمن شرط مغادرة الحوثيين للدولة.
كما وجه هادي صفعة لصالح بفرض العقوبات الأممية محاولة لتحجيم أدائه السياسي أو ربما ازاحته من المشهد تماماً.. على إثرها قام صالح بإقالة هادي من حزب المؤتمر.. وهي ما يستخدمها الاخير لشق المؤتمر وتكوين حزب بديلا له في الجنوب.
كما يتشارك هادي مع الحوثيين في التأثير على المشهد في الجنوب وتختلف ادوارهم وفقاً لاختلاف الاهداف من بناء القوة، وعلى ما يبدو ان الرئيس هادي يدعم خيار استعادة الدولة كانفصال آمن.
تحتفظ الثلاث القوى (الرئيس هادي وصالح والحوثيون) بدرجات متفاوتة في الهيمنة على القيادات العسكرية الجيش.. وانتقال الصراع بين هذه القوى الى الجيش ينذر بتفكيكه وتدميره وتحويله لتنفيذ اجندتها.
وعلى ما يبدو فإن مستقبل الصراع بين هذه القوى لا يمكن التنبؤ به حتى الان.. ولكن ما يمكن التنبؤ به هو انها ستخوض صراعاً ينهي ما تبقى من دولة وتقسيم اليمن.. وهو ما يُحتم على قوى ثورة الـ11من فبراير اجراء تحركات سياسية وشعبية واعادة التكتل من جديد لاستعادة الدولة والحفاظ على اليمن..
أحمد الضحياني
القوى التي تشكلت بعد اسقاط صنعاء 1477