;
محمد الصبري
محمد الصبري

إدمان النُّخب على الفشل وعلاجه..هامش بمناسبة عودة كيانٍ مِسخ 1354

2014-12-07 16:36:08


المصيبة الكبرى التي نعيشها قد لا تكون في صور ومظاهر حكم جماعة مسلحة أتت من خارج التاريخ والزمن ولا حتى في مظاهر قوة بادية لكائناتٍ سياسية فقدت عمرها الافتراضي ويصدر بشأنها يومياً أحكام قرارات استغناء وإنهاء خدمة ..، وانما المصيبة الكبرى في هذه المرحلة الانتقالية فعلاً كما هو الحال في كل مراحل التحولات, نراها واضحة في إصرار قسم كبير من المعنيين على النَّكث بالعهود والمواثيق والتراجع عن الاتفاقات و من قِبل قيادات ونُخَب هي حرامية ولصوص في مواقع رسمية وكلها كائنات تعيش وتعيش على الحرام وعلى احتقار العلم والعقل والشعوب واللوائح والأنظمة ..

وهذه المصيبة وأفعال أطرافها النُّخَب والواجهات مرضٌ ووباء قاتل لبلد وهي التي جعلت من المشهد الوطني عند كثيرين أحداث يومية مكررة لأقوال سبق وأن قِيلت وخطاب سياسي كاذب سبق للناس أن سمعوا مثله من كاذبين بائسين سابقين لفظهم الزمن, واستنساخ أفعال ومبادرات وتحرُّكات تنقل نُسَخاً من ثورات أو سياسات أو مواقف من الداخل أو الخارج وبشكل غبي ترتد على أصحابها في الغالب حالات من العجز والفشل غير قابل للمعالجة ...

وفي مراحل الانتقال وتلك تجربة كثير من شعوب الأرض بعد كل ثورة أو حرب وكما هو الحال القائم في بلادنا وبعض أقطار أمتنا تكون المطالب العامة والمهام سائلة وعلى درجة عالية من التعقيد والذين يقودون أو يديرون تكون خياراتهم محدودة وتصبح أكثر الموارد نُدرةً وشحةً الوقت وليس أي مورد آخر كما يروِّج بعض المطلبين واللصوص ..

والمهم أيضاً أن الأوضاع الانتقالية بالطبيعة وكما هو جارٍ في بلادنا تفيض بعاهات وكائنات وأشياء غريبة وبشكل تكاثري أكثرها إزعاجاً فيض العجز والكذب والعنف والتشوش والارتباك وتعارض الأولويات ونمو قِيَم "دبِّر" حالك و"قَعْ" شاطر وتكون أكثر الأبواب مُشرَعة, أبواب التزلف والانحطاط القِيَمي والاخلاقي والتدخل الخارجي ...

لذلك تبدو صورة الانتقال الحالية بسبب الإعلام وكأنها سوق للبهائم والبشر والملابس والجزم والسيوف والرماح والعبيد يباع ويُشترى فيه كل شيء وبأي شيء ويتمركز حالياً وسط النخبة "البلدية" بالذات خوف و تعارض نفسي بسبب سياسة السوق وبشكل مقرف بين الرغبات الخاصة والمصالح العامة بين طلب وهم النعيم الذاتي والصالح العام والأمثلة كثيرة من أربع سنوات وهى مثيرة للشك وللغضب والشجن والتأفف ممَّا جري ويجري.. وسيجري ...

القادة والواجهات الذين نجحوا تاريخياً في إخراج بلدانهم من أوضاع كهذه و من مخاطر منخفضات الاضطرابات الثورية أو ما بعد الحروب الأهلية والنزعات المسلحة والتي أصبح اسمها الشائع المراحل الانتقالية تمتعت بوعي عالٍ بقانون الفوز لصالح الشعوب ..

والقانون بسيط جداً يبدأ من التمييز الدقيق والذكي إلى التأسيس الصلب والمتين. تميز بين المهم والأهم والأكثر أهمية وبمعنى سياسي بين المشكلة والأزمة والخطر وبين الأكوام الكبيرة من الركام والمخلفات والقمائم الناتجة عمَّا أحدثته الثورة أو الحرب وما هو صالح ونافع وما يجب التخلص منه ....ركام يسمى صروح النظام القديم وخرائب الثورات والحروب ...

أما لماذا التميز والإزالة والفرز والتعامل الذكي والجاد مع الخرائب مهم بالنسبة لنا وكان كذلك لغيرنا ؟؟ لأن المطلوب يكون محدد في مراحل الانتقال وإدارة الانتقال وفي مهام نخبة الانتقال وهو التأسيس لبناء جديد وصروح جديد ه للشعب اليمنى بعد أن تخربت الخرابة أو العشة أو النظام والدولة التي كنا نعيش فيها مجازاً وأصبحنا جميعاً بعد ثورة فبراير ٢٠١١ م في العراء هي نفسها المهمة التي نصت عليها المبادرة الخليجية أواليتها التنفيذية وقرارات مجلس الأمن الدولي الذي أصبح مشرفاً أحيانا وتلعب بعض أطرافه عبر سفراء الدول العشر شيئاً غير الإشراف ....

هي التفاصيل التي خاض ممثلو أطراف الثورة والأحزاب والفساد القديم والحوثيين والحراك التفاوض الشاق حولها في مؤتمر الحوار الوطني من ٢٠١٣/٣/١٨-٢٠١٤/١/٢٥ وانتهت إلى رسم أو إلى المخطط أو "الكاروكي العام " لحال الأرضية والمبنى والمعنى كما يقول المهندسون المعماريون والتسليحيون..

مع ذلك الأمر في قانون الثورة أو التغيير يتعدى البساطة في النظر والتقدير الى القبيح الواقعي والمزعج التاريخي المتمثل في كومة اللصوص والفاسدين المعيقين والذين يركبون بسرعة الموجات التحوُّلية ويتفوقون دوماً على الثوار والقيادات والشعوب بأخلاق غير متداولة والذين يختارون دروب التلاعب والتحايل و التزييف والكذب والغش وفي المنافسات التي تجري لكثرةٍ في مسار الثورات ....

لقد شهد التاريخ في اليمن وغيره الكثير من رموز هذه الكتل ومن هذه الكائنات التي أصبحت نخب مجتمع وتجارة وواجهات دولة وسياسة من دون أساس من تضحيةٍ أو شرف وإنما فقط من وضع وصفة بعض المؤرخين بتفوق الانحطاط الذي عطل الثورات والتحولات ...

وتزداد المصيبة أكبر في هذا الإزعاج إذا ما نال هؤلاء المتحولين حظوة من تكليف في سوق التحول والانتقال من جهات أو من شعوبهم كان يوكل إليهم مثلاً مهامَ رفع المخلفات أو التأسيس أو البنا ء فإنهم بالفطرة يحتالون على كل العقود وعقود المقاولات حيث أن فساد الأصل لديهم هو المشكلة, فساد متمثل في ادعاء الثورة أو طلب التغيير وبمعنى آخر شهاداتهم كمقاولي بناء ومهندسين أو عمال أو مورِّد ين كلها تزوير أو كذب ....

لذلك كله لم يكن من خيار تاريخي لرواد التغيير(في بلادنا أو أقطار أمتنا أو في بلدان وأمم شتى وفي مراحل شتى, وللتخلص من هذا الإزعاج التاريخي) سوى أمرين أو طريقتين ثبت نجاعتهما من دون شك وهما:

تجديد الثورة أو انتاج العنف حين يتعطل مسارها .

٢- حماية وصيانة و احترام ما يتم التوصل إليه من الاتفاقات ونتائج الحوارات واللقاءات السياسية والثورية أو الشعبية التي تكون متلازمة مع مرحلة الانتقال الناجحة ..

ومن قبل أن يأتي دستورنا الجديد نذكِّر الشطار جداً جدا أن دساتير الدول التي تحظي بالتزام قوي من قِبل شعوبها وحكامها بداءً ممَّا تعمله الواجهات والنخب في مراحل الانتقال والتأسيس من التقدير والاحترام العام والخاص للمواثيق في المراحل الانتقالية أينما كانت ومن التشدد في منع خرقها او الخروج عنها ا ومعاقبة من يفعل ذلك ..

نقول في خاتمه لقد كان اللصوص والانتهازيون والمحنطون والخونة هم مشكلة الثورات والمراحل الانتقالية في كل عصر وكان جهل القادة أو النخب في فهم الخيارات المحدودة في مواجهتهم عاملاً رئيسياً في تحولهم الى ركام بجانب ركام الثورات والحروب وكان النكث بالعهود والمواثيق والاتفاقات من قبل أطراف الشراكة في الثورة والمرحلة الانتقالية مصدراً جوهرياً في تعطيل مرحلة تأسيس الدولة والمجتمع الجديد من أنقاض أنظمة سابقة بعد كل ثورة ....

وسيظلون هم مصدر الحروب والعنف والتفتت والتجزئة لكيان الدولة والوحدة الوطنية .وليس الثوار او الشعوب ...

الوضع في بلادنا مساره غاية في الانحراف ومثير للقلق والخوف ولا طريق متاح لعلاج هذا الإدمان المستمر على الفشل منذ "٤" أعوام سوى أن نتحلى كمواطنين قبل أي شيء بدرجة عالية من اليقظة والحذر تجاه ونحو أعمال الخيانات والاعتداءات المستمرة على الاتفاقيات وأحكام الدستور والقوانين النافذة والتركيز على مصادر الخيانات والتشهير بها أينما كانت واعتبار التخلي عن مخرجات مؤتمر الحوار الوطني كونه الاتفاق الوطني الانتقالي الأعم والأشمل الذي استطعنا التوافق حوله في ظروفه خيانة عهد وتخريب وطني مستحق العقاب ...

و لا يجوز لنا أخلاقيا أن نشاطر النخب أو القوى السياسية حتى ولو كنا مناصرين لها أو أعضاء فيها الصمت أو القبول بعمل الأفاقين والانتهازيين والجهلة وإلا فإن هذا الوطن الذي يصعب استبدال العيش فيه بغيره يسير نحو مزيد من العنف والقتل ونحوا التفكك والتجزئة ..

إذا كانت قلة أو أقليات تستطيع أن تفعل بنا وبعيشنا كل هذا فإننا أغلبية أيضا نستطيع محاصرة المصيبة باستخدام قوة معطلة لدينا وهي للكلمة أو القول "لا" , وسنهزمهم بعدها ونصنع خيراً بأنفسنا وأولادنا ولأولادهم وأحفادهم وإعلان الاستطاعة أول العلاج ....

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد