بعد اشتعال لهيب المعارك وتبعثر أشلاء الجُثث، ها هي الأرواح تتعانق وتحتضن بعضها البعض في سماء التصالح, مجسدة بذلك صورة جميلة لمعاني الحب ورونقا أروع لصورة مشوهة وملطخة بجثامين موتى فر قاتلهم وأصبح طليق يجول في الأرض وأنفه لا زال يتنفس.
في الأمس رأينا مرثونا لمعارك دامية، وأجسادا دماؤها حامية، كلً منهم قتل وقُتل، وحملَ وحُمل على النعش وضعوه، وبالدمع فارقوه، صورة أليمة جدًا ولكن اجتماع الأمس ربما كان نذير شؤم للبعض لمن قاموا بتفسير مبادرة حزب الإصلاح مع نظيره الحوثي تدل على المذلة والاستكانة وأنها لا تعبر سوى أن الطوفان الحوثي أصبح آلة مدمرة تُرعب وتزلزل كل حجرة تقف عائقة في طريقها وأن لا مجال من التصالح معه، ولكن مهما اختلفت المسميات والأقاويل إلا أن المبادرة التي وضعها حزب الإصلاح تنبئ ببشارة خير عن اقتناع بعض الأطياف السياسية والحزبية بمفهوم التصالح ونبذ الفرقة وتجسد في مضمونها معنى التعايش.
المبادرة الإصلاحية الحوثية أتت ربما متأخرة، ولكن أن تأتي متأخرًا خير من ألا تأتي فالتوترات التي نراها على أرض الواقع تستلزم من جميع المكونات الحزبية والسياسية ترك لغة البنادق جانبًا والنظر بعين الرئفة لذلك الوطن الذي يتكبد الألم.
ولكن بالمقابل لا يعفينا القول إن تلك المبادرة شكلت جرحٌا عميقا لن يندمل بالنسبة لمحبي ذلك الحزب فهي بمثابة صفعة لا يكادون تصديقها البتة، فالمبادرة الإصلاحية الحوثية تدل على أنها لم تأتي سوى بشعور قادات الإصلاح بالضعف أمام فواهة البركان الحوثي الثائر واللجوء إلى المفاوضة مع عدوهم اللدود قد يشكل أحد المخارج للتكهنات المستمرة الذي يستخدمها كلا الطرفين.
فبعد أن كانت تنهار كلمات الاتهام على حزب المؤتمر الشعبي في الأمس بتحالفه مع عدوه السابق الحوثي ها هي لعنة الماضي تتكرر بنفس الصورة وبنفس الأدوار مع قادات حزب الإصلاح ولكن اختلفت الطريقة نوعًا ما، وهي بمثابة رسالة واضحة على أن قادات الإصلاح يعيشون حالة من انفصام في الشخصية.
الجدل نحو هذا التفاوض الذي أنقضى بعدة نقاط منهم من رأى أنها مجحفة في حق الإصلاح ومنهم من رأى غير ذلك يجعلنا نقف عن الأسباب والدواعي التي جعلت من ذلك الحزب يتغير تغييرًا جذريا في نظرته للأمور فالقاذورات لا تجتمع مع من عرفوا بالطهارة سوى في قصص الأباطيل أو في حكاية المفاوضة التي عقدت ليلة البارحة.
لا يبرر ذلك التفاوض سوى ذلك المثل المشهور الذي يقول: لكل جواد كبوة..!! بالأمس كانت ألسن الإصلاحيين لا ترحم الاشتراكيين عندما قاموا بتحالفهم مع الحوثي واليوم لن ترحمهم هفوتهم تلك من جلدة الجلاد ومن تساقط كلمات العار على سمائهم التي لا تكاد تكون ضبابية ولكننا لا زلنا نعزف أوتار الأماني بنبرات وفي الصلح خير.
علي محيي الدين منصر
وفي الصلح خير 1101