تتكرر في اليمن المناسبات ونتحدث عن مواقف وتضحيات أبطالها لكن القائمين على شئون هذا البلد ، ليس لنا منهم سوى الاحتفال والتمجيد بتلك المناسبات والتحدث عنها وخطاهم بعيدة عن فكر وأهداف صانعي التاريخ في بلدنا ولقد ادرك اكثر الناس في اليمن أن الحاضرين اليوم في المشهد السياسي في اليمن لم يجني منهم المواطن سوى الويلات ، وما تزال اليمن تحت قبضة العابثون بالعقول والمتلاعبون بالحقوق ، لم ترى النور ، عقود وقرون من الزمن والقائمين على مصالح هذا الشعب في الشمال أو في الجنوب لم ينتجوا لنا سوى التخطيط والبرمجة للازمات والحروب ولم نحصل منهم على ما نريد ، رجال لم تشفع لنا عندهم عواطفنا وعقولنا التي يحركونها كما تتحرك عقارب الساعة وللأسف أن الأحداث والمواقف في بلدنا نتذكرها ونفقد فيها عقولنا ويستغل فيها غياب وعينا ومع عدم ثبات العقل يغيب الوعي ومعه يغيب ولائنا للوطن ومع غياب الوعي يغيب حبنا لهذا الوطن ومعه تغيب فيه الحقوق والواجبات التي نطمح بتحقيقها ويظل الوطن والشعب تحت رحمة المتآمرون على هذا الوطن وما أكثرهم في هذا الزمن الذي لم نرى فيه سوى تحول حياتنا من ظلم ظالم إلى ظلمة كثر كل له وجهته ومشروعه وتبعيته ويظل الشعب اللاعب الرئيسي واللاعب رقم واحد في بقاء هؤلاء في مواقعهم يمدهم بالشرعية للبقاء وبأحقية العبث والتلاعب بالحقوق ، شعب يتخذ من النفاق ويكيله بالمكيال وكأنه البديل للقيم وللمبادئ ويستمر انحراف العقل بوعيه والحقوق والقيم والمبادئ بمحاسنها ويعيش هذا الشعب على الجدل والتبعية التي أفقدته الحرية والكرامة ورغم التجارب العبثية التي تتغير وتتجدد من حين إلى آخر بمساوئها وأضرارها ولا يزال الشعب هو المدافع والمؤيد لها وهو الحامي لها وهو المستقبل لأضرارها ، شعب يساهم بدرجة 90% بما يدور في هذا البلد من خراب ودمار من خلال انقسامهم وتوزيعهم ما بين الأحزاب والجماعات والقيادات مؤيداً ومناصراً لها في كل المواقف والأحداث وفي نسج ورسم وتخطيط المبررات لكل حزب أو جماعة أو قائد وخلق الأعذار لكل ما ينتج من أضرار لهذا الوطن ولهذا الشعب ومقدراته ويظل الحزب والجماعة والقائد والشيخ في اليمن اكبر من مصلحة الشعب والوطن ومن سلامته ووحدته وتظل في اليمن شرعية العابثين مع غياب العقل يظل غياب الوعي مستمراً وبغياب الوعي يغيب الولاء لهذا الوطن ويتوه هذا الشعب ما بين أهواء العابثين وأطماعهم وبالرغم مما يتعرض له الشعب والوطن من حروب وأزمات ومن برامج لنشر الفتن يبقى الشعب في اليمن سهل الاصطياد والتبعية وسهل الانقياد ويضيع في بحور الحروب والأزمات ولأن التوجه لغير الله بالفعل والقول والممارسة من قبل الأقوياء والضعفاء هي من أوصلت حالنا ووضعنا إلى ما هو فيه من إحباط وبؤس وحرمان ولأن المتصارعين في حالة غفلة لم يستوعبوا السنن الكونية والمتغيرات الحاصلة في المكان والزمان وما يتعرض له الإنسان من كوارث لم يستفاد منها من قبل الشعب أو القيادات أو الأفراد مما يدور من حولها من دروس وعبر لأن المتنورين في بلدنا لم يغرسون في نفوسنا نوراً والمتعلمين لم يزيدوننا علماً والمتدينون لم يستبدلون حقدنا حباً والسياسيين لم يظهروا لنا ولاءً أو عملاً أو إخلاصاً نفتخر ونذكرهم فيه والمثقفون لم يبرزوا لنا وعياً حتى نخرج مما نحن فيه من جهالة والحقيقة أننا كلنا كشعب لم نحب الله ونحب الوطن كما ينبغي والقائمين علينا لم يكونوا همهم مصلحة هذا الوطن و يا ليت هذا الشعب يوقف المجاملة والنفاق والوقوف مع العصابات والا يسمع لمن يفرقون أو ينشرون الفتن والأحقاد ومع غياب الوعي يظل هذا الشعب سهل التوجه والتبعية وخاصة ما يدور من حكايات في الميادين وفي مجالس القات من مديح وثناء لمن هم سبب الخراب والدمار وهناك أناس من ضرب له بالطاسه ابترع وتكاد تكون المروءة ظلت من الكثير وغابت وخاصة من الرموز والعلماء والإعلام وقد نجدها اليوم في اضعف الناس وابسطهم ، لقد خدعنا في اليمن بمسئولين يستخدمون مساحيق لوجوههم وتحويل شعورهم من البياض إلى السواد وبخداعهم لا أحد يقف في اليمن على الحقيقة ، بلد لا يبنى على المحبة ولا على العلم والوفاء والتضحية ودائما ما يتم تجنيبنا ومنعنا من الاقتراب من الطرق الموصلة إلى الرشد وكأن هناك مؤامرة ألا نتجاوز حتى حدود أبصارنا وتظل أمورنا معطلة لا نرى فيها النور سوى في أسوارهم المحيطة بقصورهم وما يركبون من سيارات فارهة وما بها من وحوش مفترسة وما معهم من أسلحة ولم نستفيد من سنن الأولين وما لحقهم من العذاب والبلاء وهم صامتون وكأن على عيونهم وعقولهم أغطية محكمة بها صمم رغم مسافات الزمن التي عاشوا بها لم يدركونها بأنها وشيكة الانقراض ، رجال كل يوم لهم توجه وكل يوم لهم حكاية وأحوالنا عندهم ليست لها عنوان أو إجابة وما زال الرأي العام يستقبل نزوح شخصيات من أماكنهم ومواقعهم يبحثون عن كل من يستقبلهم ولقد شاهدنا من باعوا ضمائرهم بحثاً عن مصالحهم ، وجوه كالحة مهما تلونت وتوزعت وهربت لن تكون بعيدة عن سخط الشعب فهي مغمورة بالفساد والعمالة والتآمر وإذا كانت اليوم قدرتهم على تخطي حدود واقعهم وإخفاء ماضيهم لن يتم نسيانهم وما تلطخت به أياديهم من نهب للمال العام ومن ظلم وقتل وتشريد وسلب لحقوق الناس فلكل واحد منهم بصمات لمن كان محافظ أو وزير أو قائد والشاهد أعمالهم وأموالهم التي عملوها وكسبوها من الحرام باسم هذا الشعب وحقوقه وممتلكاته فالكل مازال بعيداً عن همومنا ومصالحنا وسلامة بلدنا.. اللهم لا تحقق للعابثين والمتآمرين غاية وولّي علينا الأخيار واحمي بلدنا من الأشرار وأعد علينا الاستعمار.. اللهم آمين.
محمد أمين الكامل
العابثون بالعقول والمتلاعبون بالحقوق 1839