السوس ينخرُ في الأعماق بصمت مخزٍ.. البنيان المتهالك ظاهراً اتضح أنه متآكلٌ من الباطن, والعوار الخارجي لا يعدو كونه ندبة بيضاء في سواد المخفي من عيوب مجتمع غابت فيه الفضيلة وسادته رذيلة ممجوجة متغافل عنها لأجل ماذا؛ لسنا ندري؟!..
الأخلاق هل هي مجرد فضائل يتزين بحلتها الإنسان الفاضل العفيف؟, أم هي سور عظيم يرد جيوش إبليس عن حصون الإنسانية فيدفع عنها غائلة النفوس المريضة التي لا ترعى حرمة ولا تجعل لله في قلبها مكاناً أو مهابةً أو قدراً ومقاماً؟.
عندما يغدو اقتراف الفواحش وممارسة الرذائل عرفاً مسكوتاً عنه في مجتمع ما, فتلك بداية السقوط الكبير لهذا المجتمع ..
عندما يلبس الناس ثياب فضيلة زائفة جهاراً ثم سرعان ما يخلعونها في الخلوات فينتهكون حتى محارمهم؛ فتلك الطامة الكبرى التي يوشك أن يحل على فاعليها والساكت عنهم غضب من الله ليس له دافع.
فقر المجتمع وعنت العيش الذي يتجرعه إنسانها سماً زعافاً يسّود مفردات حياته, وتسلط ولاة السوء عليه, ونزع نعمة الأمان منه, ووضع الله السيف على رقاب أهله وتمزقهم وتفرقهم شراذم متناحرة لنيل دنيا وغلبة هوى, علامة تنذر بسوء دخيلة هذا المجتمع وفساد بطانته وإن هو أبدى نظافة مموهة تستره في الظاهر ..
تتكاثر الجباه الكالحة ذات السمات الخارجية الوحشية, و تتفاحش ظاهرة ترسم ملامح شوهاء لوجوه مرعبة تكتظ بها الطرقات تنبئ عن سرائر مشوهة وطبائع "بوهيمية" غرائزية شبقة.!
الفضيلة الغائبة تريد سيفاً يرجعها للواقع المتعفن من الرذيلة, يحميها ويرفع لواء دولتها على رقاب الناس قبل أن نغرزه في القلوب..
لكن هيهات كيف لذلك أن يحدث؟؛ القدوات سقطت تباعاً, ورموز الخير تهالكت في سوق الدنيا الرخيصة وسعار سباق الرغبات الشخصية, حتى من جعلوا شعارهم بغض أعداء الله وفجروا أجسادهم في الجموع, ليسوا أكثر من مشوهين يريدون التطهر من قذاراتهم المتكاثرة على سيرتهم الشخصية كفطر عفن!!
الفضيلة ليست ترفاً سلوكياً؛ بل هي درع حماية للمجتمعات من التهاوي والتلاشي والخسف المعنوي والحِسي ..
خسف الله بقوم لوط لممارستهم فاحشة يجاهر الكثيرون بفعلها في مجتمع المفترض أنه مسلم !!
أشكال من الرذيلة تنتشر بين الناس كطاعون خفي والجميع صامتون.. يتراشقون السباب ويتبادلون ضرب النار لأجل الحزب " الفلاني" والجماعة " العلانية".. يبكون جماعاتهم وأحزابهم وأحلامهم الخيالية ولا أحد يبكيك فضيلة!.
يتفطر القلب دهراً لسوء أحوال الناس في مجتمعنا ثم بعدما يرى هذا الجانب الأسود من الحياة ويسمع قصصاً تطعن قيمة العفة في القلب يدرك بأن ما يصبه الله على هذا المجتمع, نزر قليل من العذاب لا يساوي شيئاً بجانب ما يقترفه البشر فيه من ذنوب وانتهاك للحرمات فيرفع وجهه نحو السماء قائلاً: ما أصبر الله على الخلق!!.
نبيلة الوليدي
الخسف قادم!! 1273