لا أعرف بلداً في شبه الجزيرة أو منطقة الشرق الأوسط يعتني بالفلسفة السياسية أكثر مما تعتني به الولايات المتحدة اليمنية في كل أقاليمها الرائدة ومقاطعاتها المتنوعة بأساليب وسياسات الإنسان اليمني المعاصر ففي مطلع الخمسينات كانت الفلسفات الدينية الشيعية منها أو السنية هي من الأسس الريادية وهى من الثوابت والمسلمات المعمول بها في طرق وأساليب وحياة تلك الأجيال اليمنية السامية وفى تلك القترة بدأ الإنسان اليمني يلتمس ويتذوق بداية معرفة الدساتير الدولية شمالاً وجنوباً فنادى في الولايات الشمالية بالمملكة الدستورية رغم المعاناة السياسية والاجتماعية في كون المنادي بالمملكة الدستورية مخالفاً ومختصراً للقرآن الكريم ويستوجب الموت شنقا حسب العرف السياسي السائد في تلك الفترة.. كذلك تمت المناداة في الولايات الجنوبية بالحياة الدستورية لكافة شعوب تلك الولايات كدستور لحج وبثينة ودستور ولاية الشعب العدني.. إن فلسفة اليمانيين الاتحادية والفدرالية الديمقراطية اليمنية ليست وليدة مؤتمر الحوار الوطني ولكنها نتيجة الثورات اليمنية المتعاقبة والسائرة بالحرية السياسية المتطورة وأساليب سياسات المساواة الشعبية وبذلك يجب علينا أن ننحني لتلك الأجيال ولا يجب أن نغفل في كونهم قد استخدموا عقولهم واكتسبوا خبرات من مدارس عالمية وعربية في ألوان هذه الاتجاهات الفلسفية اليمنية لتظهر مدرستهم الفلسفية الرائدة فلم تستعبدهم العادات السياسية المستبدة في أي فترات حكومية قبل الاتحاد للدولتين أو بعد الاتحاد بل ظهرت مدارس فلسفية سياسية يمنية منهجية حديثه نحو عالم عصري وجديد.. نعم فالمدرسة الفلسفية اليمنية يغلب عليها الجوانب النظرية أكثر بكثير من الجوانب العملية فكانت الدولة وأصبحت تعيش طغيان الأغلبية في الحريات السياسية بينما تعيش معاقة في الجوانب الاقتصادية والعمرانية والأمر صحي إن ظهرت الإرادة البشرية الجامحة نحو العمل والعمران في شروط تراكمات المال والثروة الطبيعية وتلك بذور المدرسة التطبيقية العملية اليمنية المنشودة.
ولابد من التسليم أنه لايزال هناك الكثير من العوائق والمشكلات في طريق التطوير والنهضة الاقتصادية اليمنية كالصراعات الايدلوجية السياسية والدينية والتي لابد لنا من تجاوزها. و كل فرد يمني يستطيع أن يترجم بنفسه قانون الوضع ويستطيع أن يكّون لنفسه نظريته الفلسفية والفكرية لمجرد قراءته للصحف اليومية أو مشاهدته للفضائيات فهو قد أصبح قادرا على التعاطي مع هذا الوضع مهما كانت درجات تعقيداته وهذا يحسب لصالح الإنسان اليمني أمام أقرانه في منطقة الخليج العربي فهو يمتلك دستورا يخول له أن يرشح نفسه رئيس جمهورية أعلى سلطة في الدولة ودون أن يناله أي مكروه جراء تجرؤه وترشيح نفسه, أما أقرانه في المنطقة فقد ينالهم الفناء والموت إن فكروا سياسيا بفلسفة الإنسان اليمني المعاصر وهذه نعمة تحسب لنا كيمانيين ولا يقدرها حق تقديرها المواطن هناك في دولة ملكية يفتقد لهذه النعمة..
قد يقول إنسان إن الإنسان اليمني لا يعرف عن المدارس العالمية الفلسفية إلا قليلا كمدرسة ديكارت وفولتير وسبنوزا وستيوارت مل.. والأمر صحيح وقد يكون لم يسمع بها البتة ولكنه خير من يطبقها في المنزل والعمل وعلى جنبات الطريق والله قد أشرف علينا بها من الغيب لأنه نظر إلى سريرتنا الطيبة عبر العصور فمدرستنا الفلسفية المعاصرة هي إجمالية مساواتنا وحرياتنا نحو بعضنا البعض.. نعم إننا في فلسفتنا التأملية مبالغون ونعطيها جل اهتمامنا بل إننا قد نصيب العملية التطبيقية والوظيفية في مقتل ولذلك لابد لنا أن نسير نحو العمل والعمران والبناء والتنافس بجد وبفطرة نقية ملؤها التجربة والخبرة والاجتهادات السياسية بعبق الثورات السلمية والمطلبية في أعمال وفلسفة وأجندة الشعب اليمني .. وقد يعانى اليمانيون من ضبابية بعض القوانين والاتجاهات واختفاء بعض عادات وتقاليد الأجداد الاجتماعية والسياسية ولكنها تستبدل بعلاقات وقوانين وعادات وتقاليد سياسية فدرالية واجتماعية عبر المؤسسات الحكومية والحزبية والأسرية فتنتج عادات وتقاليد جديدة تسير بالوطن والإنسان اليمني نحو التطور والرقي والعمران, فمنهج الإنسان اليمني يمتاز بالانفتاح والحرية والمساواة والتعايش السلمى في كل الولايات والمقاطعات اليمنية وهذه الاتجاهات السياسية الحديثة هي إجمالية بدء النهضة العمرانية اليمنية الحديثة والمعاصرة فالطبقات تكاملت وانفتحت والاعتقادات الدينية والإنسانية تطورت حتى فوق مفاهيم الدولة فأنجب المجتمع اليمني رجالا عظاما من المصلحين والمتنورين هم حقيقة نظرية التوازن المجتمعي وبهم يسير الوضع نحو التوازن بين مبدأ سياسة الشعب ومبدأ سياسة الاتحاد اليمني كمنهج متكامل في فلسفة الإنسان اليمني المعاصر.. كذلك فالتأثيرات العقلية والمبادئ التأملية بين إنسان يمنى وآخر لا تكاد تكون محدودة فالتوجهات الاجتماعية والفلسفة اليمنية العامة وسلطة الرأي العام تكاد تكون هي الفلسفة المسيطرة على الوضع وبدونها يزول أي معتقد أو رأي مخالف لتوجهات الأمة السياسية والدينية المعمدة بالصدق والنزاهة والواقعية..
ومما سبق استطاع كل يمني أن يكون لنفسه فلسفته الخاصة بتأملاته وتخيلاته واعتقاداته من ذاته وإلى ذاته وبدون أي تدخلات أو إملاءات خارجية فالحرية السياسية والملكية الفكرية مكفولة للجميع بالدستور والقانون والإيمان الديني فأصبحنا نرى الناس يؤثرون في بعضهم البعض وبإيجابية في مقرات العمل ومجالس التجمعات الاجتماعية ويمارسون حق الاجتماع السياسي بكل يسر ومسؤولية في مقراتهم الحزبية ونقاباتهم المهنية وتلعب الجمعيات التعاونية أدوارا مهمة في البناء والتنوير الفكري إن تم تدويرها وفقا لمصالح الجميع وبعيداً عن المصالح الشخصية الآثمة وبهذه التوجهات الصادقة والاعتماد على الله العظيم في ملكوت السماء لا بد أن يسير الوضع وبقوة نحو تذليل كافة المعوقات والصعاب لكافة العقبات المستقبلية تلك المعيقة للنهضة والظهور المشرف للدولة والإنسان اليمني وبهذه التوجهات العملية الجادة يتم ترجمة تلك المنهجية التأملية والفلسفية اليمنية وفق ابتكارات واكتشافات مميزة للنهوض بالدولة الإنتاجية نحو مصاف الدول المتقدمة في شتى المجالات النظرية والعمرانية وبعد البحث والتأمل لأسباب طرق الوصول للنهضة والتقدم فإن الإنسان اليمني سيجد فلسفة بناء الحياة في قلب ذاته وفطرته الإسلامية والاتحادية غير متناس توفيق الله وطيبة وتعاون اليمانيين جميعا والسبب الآخر لطرق الوصول وراء هذا المجد الفلسفي والتأملي لكافة المكونات الاجتماعية اليمنية هو روح دستورها الديمقراطي الاتحادي الفريد والماثل في كل أحوالهم الوظيفية والمعيشية المؤمنة بمحبة كل شيء لأجل تقدم الوضع نحو النهضة العمرانية والأمن و السلم الاجتماعي وبالمزيد من هذه المنهجية الفلسفية اليمنية سيكشف في القريب العاجل عن كافة الأقنعة لحياتنا الإنمائية وديننا المليء بالأخلاق الفردية والأبدية لنكون هناك مع كل العظماء في دروب بناء دولتنا اليمنية الاتحادية الحديثة..
نبيل صالح المراني
منهج اليمنيين الفلسفي 1293