خطفت كرة القدم أنظار المتتبعين في كل بقاع العالم منذ أول بدايتها نظراً للتشويق والمتعة والتنافسية التي تتظمها هذه اللعبة الأكثر شعبية في العالم، فكرة القدم أصبحت هي اللغة التي بها يتواصل جميع شعوب العالم, كما تعتبر وسيلة من وسائل التعارف بين الشعوب والأمم.
ولعل الجماهير وجدت في لعبة كرة القدم فرصة لإظهار التميز على الأخر وهي غريزة إنسانية ثابتة حيث كل واحد منا يسعى للتميز عن الأخر ويظهر في حلة افضل من الأخر، فكرة القدم كما الرياضة بصفة عامة لبت هذه الغريزة الإنسانية فينا حيث بواسطتها نستطيع أن نظهر تميزنا عن باقي الأمم بامتلاكنا لرياضيين يفوقون الرياضيين الأخرين في كل شيء ويكونون دائما في منصات التتويج ، ولعل ما يجعلنا نهتف باسم بلادنا عند كل إنجاز لبطل يمني هو ذلك الإحساس بالتميز والندرة وهو شعور إنساني نتفق عليه.
لكن الأمر المؤسف أن تتحول كل هذه الرغبة في تلبية هذه الغريزة إلى تعصب زائد عن حده حتى يؤجج من الحقد والكراهية ويزرع الفتن ولربما يتم التراشق بالأحذية وبالأحجار بين الأشقاء, بسبب كتلة من الهواء إنما هي في الحقيقة خلقت لتجمعنا وتعرفنا ببعضنا البعض لا أن تقسم بيننا وتجعلنا نتناحر ونتراشق فيما بيننا. بل أن الأمر قد يتعدى حتى التناحر بين أبناء المدينة الواحدة بسبب هذه اللعبة التي ملئت القلوب شغفا وحبا والتي يتم النظر إليها للأسف بنظرة خاطئة .
لعبة مباريات كرة القدم هي فرصة مواتية لكسب مزيداً من الروح الأخوية والروح التي تعزز من المحبة والعلاقات التي تعود بالفائدة والخير والسلام, بل تزيد ذلك الحس الانتمائي الأسمى لهذا الوطن وهي فرصة حقيقية لكسب الكثير من الود والاحترام فيما بيننا لكن الأمر أصبح متغيراً! أكثر فالجميع يجهل معنى الأهداف الحقيقية للرياضة والتي هي تزكية الروح وتهذيبها والتعارف بين الحضارات والأمم لتتحول للتعصب والتناحر من دون فائدة ترجى من ذلك إلا الدمار والتباعد والتفرقة،
وحتى أن هناك من يعشق منتخباً غير منتخب بلده وذلك ليس عداوة وكراهية لوطنه ومنتخبه! حتى يشجع قطر لكنه لا يريد لها الفوز وهذا الأمر طبيعي ولا يعني تشجيعك لمنتخب غير منتخبك الوطني, خيانة. وليست جريمة لا تغتفر وليست ذنب تقترفه, وليست الوطنية أن تشجع منتخبك الوطني, فالوطنية هي الشعور بشرف الانتماء لوطنك,حبك لوطنك,وتقديسك لتراب وطنك, وحب الخير والسلام والأمن والاستقرار والعمل على إيجاد كل هذا هو الوطنية,فهناك الكثير من نشر على شبكات التواصل الاجتماعي بأن إخوان اليمن يشجعون المنتخب القطري,واعتبروا أن من يشجع المنتخب القطري خائن وغير وطني, فيا للغرابة ويا للعجب ممن ابتلاهم الله بأمراض السياسة العمياء والتي جعلتهم يسيسون كل ما تملي لهم أنفسهم ويهتمون لسفاسف الأمور وينظرون من منظورهم القاصر إلى ما يفتقرون إليه من معان الروح الرياضية ومفاهيمها الصحيحة ليس من منضور العصبية المقيتة بشتى مجالاتها وأنواعها!
ولاشك ولا ريب أن سبب الخناق والتناحر هو غياب الثقافة الكروية الحقيقة والروح الرياضية والجهل بالأهداف السامية للرياضة وعدم القدرة على تحمل الهزيمة وتقبل الأمر الواقع .وكذلك الافتقار لمعان ومفاهيم الثقافة الكروية والروح الرياضية وعدم الوعي بالأهداف السامية للثقافة الكروية والروح الرياضية!
فالرياضة إنما أنشئت للتنافس الشريف بين الرياضيين من مختلف الانتماءات سواء العرقية أو الدينية أو الجنسية ،الرياضة توحد كل الشعوب من أجل التنافس الشريف وبالروح الرياضية العالية وتقبل الأخر مهما كانت نتيجة التنافس وعلى اختلاف إنتماءاتهم.!
فكفى من التعصب الزائد اللزوم والذي يفقد الكرة متعتها ويزيغ الرياضة عن أهدافها الإنسانية السامية.
هشام عميران
خليجي22 بين التنافس الشريف و العصبية الزائدة 1460