المتابع لمجريات ما حصل ويحصل في اليمن منذ حرب دماج وحتى سقوط صنعاء وسقوط الدولة، سيخرج بنتيجة تبدو منطقية ووجيهة الى حد كبير مفادها التصريحات الأخيرة لصالح والبركاني من أن الدولة هي من تآمرت مع الحوثي ممثلة برئيس الجمهورية القائد الاعلى للقوات المسلحة ووزير دفاعه المطيع محمد ناصر أحمد ..
لي رأي في الذي حصل ألخصه في الآتي:
1- صالح لا شك ظل يرتب لساعة الانتقام من خصومه ويتحين الفرصة للإجهاز عليهم وتسوية الطريق له أو لنجله بالعودة للسلطة ..
2- إذاً فالجزرتان اللتان لوح بهما الإقليم وأمريكا والاتحاد الأوروبي لصالح هما ((تمكينه من الثأر من خصومه والعودة للسلطة)) كانت تلك القوى المذكورة تدرك سيكلوجية صالح وبنت (مع هادي) استراتيجية خبيثة تتكئ على معرفتهم بنفسية صالح التي تنزع للانتقام بأي كلفة وهي طريقة الخارج للتخلص من الجميع كعوائق كؤوده تقف أمام سيطرته - من خلال هادي وجلال - على السلطة بصورة مطلقة - ثبت أن هادي خيار أمريكي محبب جداً-
3- اندفع صالح (بغروره المعهود ) منذ تنحيه لتنفيذ تلك الأجندة تدفعه رغبته في العودة، فدشنها بالحملات الإعلامية الممولة بسخاء لتصويره وقد سلم السلطة ليس ليد هادي إنما لخصومه الذين أطاحوا به وتم تصوير هادي وكأنه رئيس يتحكم به علي محسن وباسندوة بيد حميد الأحمر، وهكذا قدم إعلام صالح وكأن الإصلاح هو من استلم السلطة وليس هادي نائب رئيس المؤتمر،!! ظل هادي يرقب الأداء الإعلامي ذلك وقدم قرارات تساعد الإعلام بترسيخ تلك الصورة كان أبرزها تعيين أحمد علي سفيراً وعلي محسن مستشاراً، وقرارات الهيكلة المزعومة التي ظهرت وكأنها تلبية لرغبة طرف في إبعاد أقارب صالح من قيادة الجيش، وظلت قرارات بعيدة عن هموم المواطن حيث استبقى هادي كل مسئول فاسد في المرافق الحكومة التي لها علاقة بخدمة المواطن فلم يشعر المواطن إلا بمزيد من الفساد، ما يوفر للحملات الإعلامية مواد لتسويق أطراف بعينها وكأنها هي السبب، ذلك أعطى إشارات لصالح بأن هادي يسير وفق الأجندة المتفق عليها ليطمئن.
4- نجحت الخطة في تقديم الاصلاح وحلفاؤه كغرماء لكل ما يحصل من تردي الأوضاع ، إلى درجة أن وزارة النفط ( التي يديرها المؤتمر من الوزير حتى الحارس) يحسبها اعلامهم على الاصلاح
5- استخدم صالح كل نفوذه الحزبي والشخصي في عرقلة عمل أجهزة الدولة وتكريس الفساد فيها ليتم توظيف كل ذلك إعلامياً ضد الاصلاح وحلفائه.
6-بدأت أحداث دماج اللعبة الدولية المتفق عليها كانت تهدف لتصفية قوى محسوبة على الاصلاح وما دماج إلا بوابة تشرعن للحوثي ما بعدها .. وحصلت مشكلة عمران وحاشد.
7- المجتمع الدولي بالاتفاق مع هادي ((قاموا بتوظيف اندفاع صالح ورغبته الجامحة للثأر خاصة من حاشد وعلي محسن)) تركوا له الحبل على الغارب ، بل إنه تلقى دعماً شخصياً من إحدى الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية ، وبأدوات صالح نفذ هادي الرغبة الدولية لتصفية الذراع العسكري للإصلاح والذراع القبلي والمؤسسة الدينية ((جامعة الإيمان))
- هنا نسأل أين دور الدولة ممثلة بالرئيس الذي يمتلك السلطة المطلقة في القرارات؟ طبعًا ظل هادي متفرجاً و مهيئاً كل السبل والقرارات التي تسهّل تنفيذ تلك الأجندة و يتسلى باللعبة التي نفذها وزير الدفاع بضوء أخضر منه شخصياً.
8- تلك المهمة التي أنجزها صالح باستخدام مليشيا الحوثي لم يكن سينجح فيها لولا أن هادي كان قد هيأ له كل أسباب النجاح ابتداءً بقرار الهيكلة التي لم تمس الحرس الجمهوري - على عكس ما يروج له إعلام المؤتمر تماماً - حيث طالت عملية الهيكلة الزائفة (كل) ألوية الفرقة الأولى مدرع باستثناء اللواء 310 الذي تم القضاء عليه مؤخراً واستخدمت امكانيات الحرس الجمهوري والقوات الخاصة لصالح الحوثي ومليشياته حيثما تحرك.
9- وتبدو أقوال صالح والبركاني منطقية، فبالفعل لن يتسنى لأي قائد لواء أو معسكر أو محافظ محافظة التعاون أو السماح لمجاميع مسلحة دون أمر رسمي من القيادة العليا، مما يعني أن كل ما فعله صالح كان برعاية هادي وموافقته ،حيث أظهر نفسه بمظهر الرئيس الضعيف الجبان ، ليغري صالح بالتمادي وليظهر أمام خصوم صالح أنه مغلوب على أمره ، كما أظهره إعلام صالح أمام اللواء علي محسن تماماً وكأنه رئيس يديره مستشاره ولا يملك من أمره شيء ، وهي صفة ساعدت هادي بالظهور أمام جميع الأطراف بصورة الضعيف لينفذ على الجميع من خلال الجميع لعبته الجهنمية في ضرب الجميع بالجميع ...!!
10- هنا يتبادر تساؤل هو مع من كان الحوثيون ينسقون إذاً مع هادي أم مع صالح ؟ يقيني أنهم نسقوا مع الاثنين ،صالح لاستغلال أنصاره وهادي، برعاية أمريكية ،لكن التنسيق مع هادي هو الأقوى ..
الدليل على أن التنسيق الثلاثي بين هادي والحوثي وأمريكا هو الأقوى الشواهد الآتية :
- أثناء اجتياح صنعاء لم تصدر أي إدانة من الأمريكان للرعايا ولا تم إخلاء للسفارة الأمريكية .
- لحماية السفارة الأمريكية فور وصولهم إلى صنعاء قام الحوثيون رغم تواجد ما يقارب من50-100 جندي من المارينز بعمل سياجات أمنية مشددة لحماية السفارة وتأمينها.
- ترحيب السفارة الأمريكية بالواقع الجديد في صنعاء .
- غابت الأصوات الحوثية التي نادت بتحرير السيادة اليمنية من الوجود الأمريكي والتدخل في اليمن
- التنسيق العسكري المكشوف والواضح مع أمريكا ،تجلى في معارك رداع حين اشتركت ولا تزال الطائرات الأمريكية مع الحوثي ضد القبائل ،بدعوى محاربة الارهاب
- الطيران الحربي اليمني اشترك أيضاً مع الحوثي في حرب رداع ولا يمكن للطيران الحربي بدون توجيه من القائد الاعلى شخصياً ((هادي))
- هادي والحوثي استخدما صالح ووظفا رغبته الجامحة في الثأر وأرضيا غروره في أن يبدو شامتاً بخصومه أمام أنصاره ((منتشياً )) بالنصر عليهم ..
- هنا انتهى دور صالح وأصبح في نظر أولئك الحلفاء لا لزمة له بل أنه قد أصبح عبئاً على أولئك ..فلم يكن من حل سوى إظهاره الغريم الأصلي والوحيد والمدبر والمدير لكل تلك الأحداث الدموية الأليمة.. لتبرئة السعودية أمام مؤسساتها الدينية من أي لوم بمساعدة (الروافض ) في السيطرة على اليمن وقدمها إعلامها (قناة العربية ) وكأنها وقعت ضحية لخداع علي عبدالله صالح .
- بدأت قناة العربية بتدشين حملتها للتخلص من العبء الثقيل- ثم لحقها مجلس الأمن بفرض العقوبات المؤلمة عليه- ولأجل ذر الرماد على العيون تمت معاقبة اثنين من أتباع عبد الملك الحوثي لا وزن لهم ولا قرار، وتساوى الزعيم (في عين العالم أصدقاؤه وخصومه) مع أثنين في عمر أولاده لا تاريخ ولا ذكر ولا وزن لهم في الواقع ((عبد الخالق الحوثي وأبو علي الحاكم )) واستثنى القرار عبد الملك الحوثي نفسه كونه في نظر العالم كرتاً لازال صالحاً للاستخدام
- ظهرت صلة هادي بالحوثي جلياً مع تشكيل الحكومة برئاسة بحاح أقوى من صلتهم بصالح ، حيث لا عبوا صالح أول الأمر وسايروا رغبته في مقاطعة الحكومة ثم انقلبوا عليه وقبلوا بها مسايرة لرغبة هادي لحصولهم على الحصة الأكبر فيها، ما يؤكد أنهم أقرب لهادي من صالح .
*تحالف صالح الحلقة الأضعف:
بعد صدور قرارات مجلس الأمن بمعاقبته دعا صالح اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام وقرروا فصل هادي والارياني وتناقلت وسائل اعلام المؤتمر تلك الأخبار ،والآن تراجعت تصريحات اولئك ونفت مسألة فصل هادي من المؤتمر ما يدل على تخبط وضعف في الجانب المؤيد لصالح في المؤتمر بدليل أن هادي أصدر توجيهاً خطياً للبنوك بعدم صرف أي مبلغ من حساب المؤتمر إلا بتوجيه خطي من هادي.. جاءت تلك المذكرة بعد توجيه مماثل أرسله صالح لذات البنوك..
وأصدرت قيادة المؤتمر توجيها لكل المؤتمريين بعدم المشاركة في الحكومة، وتفاجأ الجميع بحضور كل المحسوبين على المؤتمر لأداء اليمين الدستورية للمشاركة في الحكومة، ما يعني قوة موقف هادي وأن كل خيوط اللعبة سابقاً ولاحقاً لم تغادر يده "الآمنة"..
أحمد نعمان اليفرسي
مقاربة لتفسير الأدوار 1287