كان ينبغي على القوى السياسية اليمنية بشكل عام وجماعة أنصار الله بشكل خاص أن يدركوا منقلبات ومنعطفات المتغيرات والأحداث في الشارع اليمني لاسيما بعد أن أصبح الحل والعقد بيد المجتمع الدولي ممثلاً بالدول العشر الراعية وبمندوب الأمم المتحدة جمال بن عمر والذي كان له الدور الأكبر في ما وصلت إليه اليمن بسبب تقاعس وتخاذل القوى المتصدرة للمشهد اليمني, لاسيما أركان النظام السابق المتواجدين والمسيطرين على أغلب ركائز الدولة المركزية وبسبب إهمال ووهم وتخاذل القوى السياسية التي كان كل ركونها إلى المجتمع الدولي ممَّا أدى إلى تردي أوضاع البلاد والعباد وسيادة الوطن على حد سواء عند ذلك عمدت القوى السياسية والمتمثلة في شركاء العمل السياسي والتوافقي والحواري والذي كان بنياته على ثقة وأمل من تلك المكونات والقوى والجماعات على أن يكون دور المبعوث الأممي والدول العشر الراعية لجمع وتوحيد رؤية لفُرَقاء ودعم عمل الشركاء خلال الفترة الانتقالية والحرص وتكاتف المجتمع الدولي على خروج آمن للبلاد واستقرار الوضع والتطلع إلى بناء اليمن الجديد؛ فعمدت تلك الدول إلى استراتيجية وضع النقاط خارج الحروف وأوهمت الشارع اليمني بأن تلك النقاط ستصبح على الحروف عمَّا قريب وذالك تماشياً واستدراجاً لمواقف وخروق وتنصُّل بعض القوى على الأمر الواقع والحرص على أن يتم التعاطي مع الشراكة الوطنية لتطبيق مخرجات الحوار والمبادرات والوثائق والاتفاقيات؛ فعندما برهنت تلك القوى على الالتفاف والتنصل على المبرهنات استطاعت تلك الأمم وتلك الدول أن تفضِّل مصلحتها على مصالح اليمنين فاستغلت الوضع والاختلاف بين القوى على أن تغتال جوهر القضية اليمنية لمصالحها وتم تسويق القضية اليمنية محلياً وإقليمياً ودولياً على من يتبنَّى وعلى يشتري وعلى من يزيد فاستطردت عيونها ومخابراتها في المنطقة على أن يتم استهداف أطراف معينه حتى يتسنى لها تدشين الصراعات باسم المذهبية والمناطقية وإدخال المجتمع اليمني في نفق الثارات والصراعات والمواجهات وغربلة الوضع والقضاء على كل القوى والمكونات والجماعات والعقيدة والسيادة اليمنية على غرار العراق وسوريا وفي الأخير سيتم تشكيل حلف عسكري عربي ودولي بقيادة السعودية ومصر وأمريكا للتدخل العسكري في اليمن لاستهداف القوى التي ستبقى في صدارة المشهد وممارسة الضغوط وسحب البساط من تحتها, فمن هذا المنطلق ينبغي على القوى والجماعات اليمنية أن تدرك مساعي ومنعطفات المرحلة التي تسعى وتخطط لها تلك الدول الراعية على أن تتخلص من الجميع الأول ثم الأول وبعدها سيكون من له الخيرة والقرار والمشورة هو الحلف الذي يتم تحضيره وفقاً لمساعيها ولبرامجها, لاسيما بعد أن فكَّكت المؤسسة العسكرية والدفاعية والأمنية ومزَّقت أركان القوى القبلية والسياسية وهدَّمت البناية التغيرية والثورية ودشنت الصراعات العنصرية والطائفية وغررت على بعض القوى بتطبيق العقاب الدولي على المعرقلين والمناهضين للمساعي وللمخططات الدولية وراهنت على أن تتحمل بعض القوى محاربة القاعدة فكل تلك المساعي والمناورات والتحفظات والمبادرات عمدت إلى تفريغ المضمون وأبقت القشور على الواقع وجلبت لليمن عشرات المصائب بدلاَ من مصيبة واحدة, فاليوم لم يتبقَّ لجماعة أنصار الله كونها التي تتحمل مسؤولية الوضع الراهن أمام الشارع اليمني وأمام تلك الدول أن تعيد النظر في مساعي أهدافها وأن تنطلق من منطلق الواقع والشارع اليمني ومن موقع الالتزام وتنفيذ مخرجات الحوار ووثيقة السلم والشراكة الوطنية حفاظاً على ما تبقى من الواقع المأمول والمنظور والمتطلب الذي ينتظره الشارع اليمني وعليها أن تفوِّت الفرصة على تلك المخططات الخارجية التي تستهدف الجميع ..والله المستعان.
د.فيصل الإدريسي
الدول العشر والمصائب العشر ..!! 1219