هذه ما يمكن أن تسمى بالغوغائية. إن خروج المظاهرة الشعبية بدعوة من الرئيس السابق تحت شعار ما يسمى الرفض لأي تدخلات أجنبية وانتهاك السيادة الوطنية, هي في حد ذاتها انتهاك سافر لما بقي من أمن واستقرار في الدولة, لا سيما مع انتهاء تشكيل حكومة السلم والشراكة وقرب إعلان تسمية وزرائها.
ربما كان لهذا التوقيت في خروج مظاهرة بدعوة حزبية ترفض العقوبات والمتزامنة مع إعلان قرب تشكيل حكومة "بحاح" أبعاد ونتائج ليست بأقل خطورة, فإلى جانب كونها في الأساس تعبيراً عن الرفض المطلق للعقوبات الدولية, فهي كذلك انقلاب على رئيس الدولة, وخاصةً فيما يتعلق بتشكيل الحكومة..
بالإضافة إلى أن الشارع اليوم أصبح يستخدم وسيلة ضغط لفرض أو تعطيل قرارات داخلية, وشجَّع اليوم استخدامه من قبل حزب المؤتمر الشعبي والحركة الحوثية الى محاولة رفض قرارات دولية, الأمر الذي ربما يجعله ملاذَ أي جماعات بما ينذر بالمزيد من الفوضى.
لا يمكن استبعاد أن السفارة الأمريكية أو السفير الأمريكي قد حاول ارسال رسالة بشكل أو بآخر لإنذار "صالح" بالمغادرة لجدية إصدار عقوبات من مجلس الامن الدولي ضد الرئيس السابق نتيجة تحالفه الذي أنتج زعزعة استقرار وأمن الدولة, وعرقلة مشروع التسوية السلمية.
غير أن الأسلوب الاستفزازي والتهديدات التي اتَّبعها "صالح" في إدارة شؤون البلاد خلال فترة حكمه, بل وزادت استفزازاته وقذارة سياسيته بعد خروجه من السلطة ممَّا جعلته لم يتقبل هذه الرسالة بطريقة دبلوماسية واعتمد الطريقة الاستفزازية في تحشيد الشعب في مظاهرة رافضة, بل و "الشرشحة" بالسفير الأمريكي ظنا من "صالح" انه قد يغير من الوضع.
فضلا عن ان "صالح" بظنه الخاص ومما اعتمده في سياسته, بالإضافة الى صعوبة استرداد ما سلب منه يعتقد انه سيجبر مجلس الامن الدولي دون الحيلولة من اصدار هذه العقوبات, او سيعمل على تهديد استقرار وامن الدولة والدول الاقليمية.
كان استباق "صالح" بمظاهرة قبل انعقاد مجلس الامن الدولي بشأن جدية اقرار أو إصدار العقوبات عليه رسالة واضحة لمجلس الامن الدولي والدول الاقليمية والغربية وخاصة امريكا انه لا يزال يرتكز على قاعدة شعبية كبيرة بما يمكنه من حقيقة قدرته على اقلاق الامن والاستقرار المحلي والاقليمي.
وما يثير التساؤل هو ما هو الموقف المرتقب لمجلس الامن الدولي؟ وهل يثني او يعرقل مشروع اصدار عقوبات دولية من قبل مجلس الامن الدولي ضده وضد حليفيه من الحركة الحوثية؟
سواء اقرت هذه العقوبات أو عرقلت ولأي سبب كان, ورغم تأثيرها المؤلم على "صالح", الا أنه يبدو في ثقة بنفسه في اخذ الحيطة والحذر من تأثيرها السلبي عليه, ان لم تكن العلاقة بين الرئيسين السلف والخلف في اوج توترها, ودخلت مرحلة العناد كون "هادي" متورط في تقديم اثباتات وحقائق تثبت تورط "صالح" بعرقلة التسوية.
لا تكاد تظهر بوادر مبدئية لانفراج أزمة ما حتى تلوح في الافق الدخول في أزمة أكبر من أختها. يسبب ذلك عدة اطراف أو أحزاب فاعلة ومؤثرة على الساحة السياسية, وأحيانا رفضاً لقرار مشروع محلي أو دولي.
محمود الحرازي
من ازمة الى اخرى! 1224