نفس الأدوار, ونفس السيناريوهات القديمة التي كانت تعرض في الأمس ها هي اليوم على قائمة التحديثات والعودة من جديد, ولكن بصور مختلفة تجيد لغة الفتك, والفر, والكر, والبحث عن ضحية جديدة, بل وجبة سياسية دسمة قد يكمن في مشروعها الإجرامي الغاشم, من أصبحت لغة القتل مجرد موضة بالنسبة له.
ما يحدث من عمليات اغتيالات لشخصيات كبيرة هذه الأيام, ما هو إلا دليل على انفلات أمني حاد, يبعث الرعب في قلوب اليمنيين, ويجعلهم يصابون بوعكة صحية وخوف مزمن, من أن يفقدوا أرواحهم بين عشيةً وضحاها دون أن يُعرف من هو الجاني.
مجرد فوضى تعج بها العاصمة صنعاء, لأفراد مسلحة تتنقل بين تارة وأخرى وتستهدف أرواح البشر, لتخلف أسئلة كثيرة عن وضع جعل من علماء النفس يصابون بحالة إحباط من تفاقم استعصى المسألة وعن عدم وجود دواء لتلك العقول المريضة التي تتغذى على أرواح البشر وتتعاطى دماء الأبرياء بنهم وحش ضارٍ.
بعد أن وضع الكثيرون آمالهم على تلك اللجان الشعبية التي لا يخلو زقاق في العاصمة صنعاء إلا وتراهم فيه, على أن يقوموا بالحد من تلك الظاهرة التي عجزت الدولة أن تجد لها حلا في الآونة الأخيرة, إلا أنها تعلن ذراعة فشلها مزامنة باغتيال الدكتور محمد المتوكل وتعلن للجميع حالة فشل أخرى, في التصدي لأولئك المرتزقة, من يبدعون في حد شفرات الموت وإزهاق أرواح البشر.
لنرى المجرم حرًا طليقاً يتجول بأريحية, ويقوم بفتك ضحاياه بسهولة جدًا, فلا قانون يطبق, ولا دولة تقوم بحماية شعبها, وكأن قانون الغاب صار يطبق علينا, القوي يفتك بالضعيف, والبقاء للأقوى.
من يقفون وراء هذه الأجرامات, ليسوا سوى جرثومة قد أصيب بها الشعب وهي مجموعة تحتاج إلى تطهير قبل أن تنتشر عدوى القتل إلى البعض لتصبح اليمن ساحة قتل, وسفك للدماء, ومعقل للمجرمين, والفارين من العدالة.
ما يزيد حزني فقط أن الدولة تكتفي بالمشاهدة كالأطرش في الزفة, والعمل الكبير التي تقوم به فقط إرسال رسائل عزاء ومواساة لأًسر الضحايا وتكتفي بالنعي دون أن تقوم بمهامها كدولة ذات نفوذ وصلاحيات كبيرة, أو قد نستطيع القول إن من يقومون باقتراف هذه الحماقات هم شخصيات كبيرة وبارزة في مؤسسات الدولة وذات هيبة وجاه, تستطيع الفرار من العدالة متى شاءت, فالقانون في بلادي لا يطبق سوى على الضعفاء من شريحة المجتمع الذي يعيشون فيه.
ليس هناك مبرر آخر لتطنيش الحكومة, سواء أن مثل هذه الأعمال تكب في مصالحها الشخصية, وتقبع في سجل ملفاتها السرية, فمن طالتهم أيادي الغدر والخيانة في الأمس لازال قاتلوهم طلقاء حتى هذه الوهلة, يعيثون في الأرض الفساد, ويتلذذون في قتل العباد.
الاحتمالات الواردة التي قد تلجأ إليها الدولة لتفادي غضب الشارع اليمني ربما أنها ستقوم كالعادة بحظر تجوال المترات التي يستخدمها المجرمون أداة في تنفيذ فتك الأرواح, وتشكيل لجنة أمنية من الأمن السياسي, لتضيع القضية بين تلك التشكيلات كما هو متوقع من سادة الكبرى المبجلين, وكما هو معتاد أن يراه المواطن اليمني محصلة لنتائج الإسهابات المفرطة, والتسهيلات المستمرة.
وجبة سياسية دسمة بكل ما تعنية الكلمة, خلفت جراح لليمن واليمنيين, وجعلت من عباقرتها, يخضعون للموت, ومجانينها أكثر صحة وعافية, إلى أين ستكون الرحلة القادمة باليمن,هل إلى كهنوت الاستبداد, أم إلى محراب اليأس والألم؟!!.