نُصبح ونُمسي في تلبُّسٍ من عبادة، فمع القصد والنية الحسنة يكون النوم عبادة وسائر الأعمال عبادة، فالعمل الصالح "يجب أن يتوافر فيه شيئان, أو لهما النية الصادقة الصالحة التي نبغي من خلالها وجه الخالق عزَّ وجلَّ وثانيهما أن يوافق العمل الشرع ويكون مقبولاً شرعاً، وهذا مدعاة إلى الأمرين كي يكتسب العمل صفة الصلاح ويُكتَب عليه الأجر ويكون مقبولاً شرعاً..
فما دام الإله واحداً والمعبود واحداً اقتضى ذلك أن تكون الأمة على سَمْت وصفة وسجية واحدة من كونهم يؤلِّهون إلهاً واحداً ورباً واحداً ويتنعمون بنعمائه التي لا تُعدُّ ولا تحصى لذلك كان لزاماً على الأمة العربية والإسلامية خلع رداء الغفلة، وجلباب المعصية، والقرب من الإله المعبود الذي يمتلك الشرع السماوي الفريد الصادر عن خبير عليم يعلم بما يُصلِح الفطرة البشرية السوية وما يفسدها، قال تعالى: "صِبغةَ اللهِ ومن أحسنُ من اللهِ صِبغة"، فالتنظيم والترتيب للكون الفسيح من حولنا من نعماء الله والمتفرد بها وحده جلت قدرته، لذلك فإن الفطرة البشرية السوية تُقِر بوجود هذا الإله الرب المعبود، فكل الكائنات والموجودات تسبِّح بعظمة الإله المعبود "ولكن لا تفقهون تسبيحهم"..
فالإله المعبود الحق أنعم علينا بنِعَمِ جزيلة لا تعد ولا تحصى منها نعمة الشمس المتَّقدة التي دبَّر عملها وأتقن مهمتها ووظيفتها الله عز وجل الإله المعبود الحق، حيث أبدع رب الكون عمل هذا المخلوق المعروف بالشمس والتي لو قربت من الأرض لأحرقتها ولو ابتعدت عنا كثيراً فإن الأرض سوف تتجمد؛ لذلك يتعاظم إبداع الله في هذا الكون ويصل حد التفرد والتّميز، فالشمس آية تدلل على عظمة الإله الخالق المعبود الذي لو اتجهنا إليه بالعبادة الصحيحة لصلح حالنا وحال جميع الموجودات من حولنا, ذلكم أن الفساد الذي ظهر مؤخراً بين ظهرانينا إنما مرده إلى اجتراح السيئات والمعاصي, قال الله سبحانه وتعالى في محكم آي التنزيل:" ظهرَ الفسادُ في البرِّ والبحر بما كسَبتْ أيدي الناس لِنُذيقهم بعضَ الذي عملوا).. صدق الله العظيم.
فاليوم يجب على كل امرءٍ وامرأة أن يسجلوا لهم وقفات صفاء ومناجاة لله عز وجل المُوجِد لهذا الكون الفسيح من حولنا, المبدع الجزيل الذي تفوَّق بتنظيم هذا الوجود وتألَّه بترتيب كل شيء في هذا الكون، فحقاً إن الإله واحد، والشمس للجميع ذلكم أن هذا المخلوق الضخم لم يوجَد عبثاً بل إنه يطلع علينا كل يوم ليعطينا الدفء والنور معاً, فهو بذلك يدأب منذ أن خُلق من قبل ملايين السنين، فهو مصدر من مصادر الطاقة والإضاءة، فهو يعطينا الدفء الأعم في أيام الشتاء القارسة البرودة، ولأشعة الشمس فوائد جمة مثل الحصول على اليود لتقوية العظام ومنحنا العديد من الأغذية الإشعاعية من أجل أن تستقيم حال الفرد والجماعة على وجه هذه البسيطة العالمية..
فلا يستطيع كائنٌ من كان أن يحجب عطاءات هذا المخلوق (أي الشمس) عن بعض من البشر، فحقاً أن الإله واحد والشمس للجميع فهو إله متفرد متميز وهبَ عطاءَ هذا الكائن لجميع مخلوقاته ليتنعم بها الحيوان والهوام والإنسان وسائر الموجودات بحيث لا يوجد من يقوم بفصل التيار، وليس هنالك من يطالب بسداد الفواتير.. إنها نعمة للجميع للمؤمن والكافر والعاصي والفاسق، فمنها نستمد مشاعر التوحُّد والتقارب والائتلاف بين جميع أبناء الجنس الواحد.. الجنس البشري الأرقى جنساً، ومن يملك طرقَ ووسائل الاستفادة القصوى من هذا المخلوق الهلامي الذي هو جزءٌ لا يتجزأ في نظام هذا الكون البديع يقوم بوظائفه على أكمل وجه دونما انتقاص ودون اختلال أو اعتلال, فسبحان الله العلي العظيم رب العرش العظيم ورب السماوات ورب الأرض رب العرش الكريم.. وإلى لقاء يتجدد والله المستعان على ما يصفون.
عصام المطري
الإله واحد والشمس للجميع 1297