عندما كنا صغاراً كان الأهل يعلموننا ألاّ نأخذ أي مبلغ مالي كبر أم صغر من أي شخص وإنْ كان من المقربين.. فكنا نمتنع عن قبول المال "ونفوسنا شاتخرج" إلا بعد موافقة شخصية من احد الوالدين أو كلاهما.. واليوم تجد الطفل ذا العام و العامين يمد يده تلقائياً إلى جيب من يحمله ليلاعبه أو يقبله ويخرج ما فيه من مال.
و مما لاحظته هذه الأيام أن كثيراً من الأطفال من غير المتسولين ومن غير الفقراء و المحتاجين يمدون أيديهم لطلب المال ممن يعرفون ومن لا يعرفون "قائلين ادي لي جعالة "..
"يا ساتر سترك"
كما أصبح التسول في بلادنا مهنة يزاولها الكبار والصغار المحتاج و غير المحتاج,
ففي الطرق ستجد متسولين وفي المتنزهات كذلك وفي المساجد وفي المولات وفي الأزقة وفي الشوارع وفي الحدود البريه والبحرية, حتى اذا خرجت من البلاد إلى بلد مجاور ستجد متسولين من اليمن السعيد يمدون أيدهم قائلين "لله يا محسنيين".
هذه تشحت وتقول "ما بش معي زوج اني مُيتم" وأخرى تشحت وتقول "اني مطلق و ثالثة ارمل"..
واذكر هنا أن إحدى المتسولات وقد بلغت من العمر قرابة الستين وهي تشحت وتقول "جيبوا لي اني يتيم" يعني عادها تشتي أبوها وأمها يعيشوا لاذلحين"..
أما الأطفال فيشحتون باسم الجوع و الجعالة والعوادة..
ومن طرائف الشحاتة والتسول عندنا في تعز رجل "ظهره سع المحر "صحيح فصيح في خيرة العمر يرابط في الفرزة يمد يده لكل راكب قائلا "ادي لي عشرة أنا جاوع" هكذا جاوع عمره ما شبع.. وآخر ابتكر وابدع واخترع فجعل له صندقة وجلس فيها ماداً يده للناس وقد كتب على صندقته" صندقة المعاق فلان الفلاني", وتذكرت عندما رأيت هذا المعاق- صاحب الصندقة- صورة عرضها البعض على الفيس بوك لشاب معاق من إحدى الدول الأخرى يجلس على كرسيه وهو يعمل حينها, كتبت تعليقي على الصورة "هذا لو هو عندنا باتشحت به العائلة كلها".
وفي كل المدن ستجد مثل هذا المنظر المؤلم؛ رجل يجلس على الرصيف وقد وضع ابنه على رجليه وغطاه "بالمشده" ليشحت به و هناك من يشحت بقراءة القرآن الكريم ومن يشحت بروشته ومن يشحت بحكم قضائي و من تشحت بشرفها و عفتها, المهم أن هذه الظاهرة القبيحة قد فشت بشكل كبير جداً هذه الأيام..
تُرى هل يعلم هؤلاء حرمة هذا الفعل؟, هل يعلمون أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول "ما يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة ليس في وجهه مزعة لحم". متفق عليه.
وعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "والذي نفسي بيده لأن يأخذ أحدكم حبله فيحطب على ظهره خير له من أن يأتي رجلاً أعطاه الله من فضله فيسأله أعطاه أو منعه".
ولابد أن يتعاون الجميع في القضاء على هذه الظاهرة القبيحة المزعجة؛ كلٌ في مجال عمله "و الله كريم"..
أحلام القبيلي
لله يا محسنيين!! 1812