استهداف إسقاط الألوية والمعسكرات ومخازن الأسلحة التابعة للدولة، خصوصاً التي هبّت لحماية ثورة التغيير السلمية 2011، يتم بتحالف الحوثيين وعلي عبد الله صالح ووزير الدفاع، من دون المساس بالألوية التابعة للحرس الجمهوري سابقاً، كونها موالية ومحسوبة على المخلوع صالح. وهذا مؤشر على تصفية الجيش الوطني، وإعادة تطبيعه وتشكيله، لاحقاً، بحيث يغدو جيشاً غير وطني، تكون أغلبية القوة فيه ميليشاوية، وتابعة للحوثيين ولعلي عبد الله صالح.
وهناك عدة عوامل لإخراج الجيش من مهمته الوطنية تجعل سيناريو تكوين "الجيش الميليشاوي" أكثر احتمالاً، أولها إصدار وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان توجيهاتهما للألوية والكتائب العسكرية بعدم مواجهة ميليشيات الحوثي، والتسليم لها، فتم تسليم صنعاء بما فيها القيادة العامة للقوات المسلحة التي تضم وزارة الدفاع، وهذا مثّل انهياراً نفسياً عند عناصر الجيش الشرفاء.
العامل الثاني، يتمثّل في الاستيلاء على الألوية والمعسكرات التابعة للجيش من دون أي مقاومة، لتفكيكه وإعادة تطبيعه وتغيير عقيدته العسكرية، ورسم دوره وواجباته خارج مهمته الوطنية. والعامل الثالث، هو التركيز على نهب الأسلحة العسكرية والعتاد الثقيل، ونقلها إلى المناطق الأكثر نفوذاً للحوثيين، وهذا مؤشر على تكوين جيش ميليشاوي عسكري.
وبالنظر إلى تحرك الحوثيين للسيطرة العسكرية، بعد استيلائهم على العاصمة صنعاء، نجد أنهم قد اتجهوا غرباً نحو الحديدة، أي نحو المنافذ البحرية، ويرغبون بالاتجاه نحو إقليم الجند، وخصوصاً تعز، للسيطرة على منفذ باب المندب البحري. ويهدف الحوثي من السيطرة على المنافذ البحرية تعزيز وجوده للضغط على المجتمعين، الدولي والاقليمي، لغض الطرف عمّا يقوم به، الآن، وما سيقوم به مستقبلاً، أو قبوله حليفاً.
وبالنظر إلى القوة التي يتحرك بها الحوثي، لتعزيز نفوذه واستيلائه على المعسكرات، نجد أنه يملك مجاميع مسلحة، وأطقماً عسكرية، ليست بالقوة التي تملكها معسكرات الجيش وألويته، ولا تؤهله لخوض معركةٍ يحقق فيها انتصاراً على الجيش، لكنه يوجد لينفذ مخططاً مرسوماً ومُحكماً بتوجيهات وزير الدفاع، وهذا ما حدث في ألوية ومعسكرات كثيرة، وجديدها الحديدة.
يساعد الحوثي في الاتجاه غرباً كل من علي عبد الله صالح ووزير الدفاع، وهو كذلك في الاتجاه نحو تعز ومنفذ باب المندب. وبالنظر إلى القوة العسكرية في إقليم الجند (إب، وتعز)، نجد أنها خمسة ألوية عسكرية ولواءان من الحرس الجمهوري، جميعها موالية للمخلوع صالح، وثلاثة أخرى من مشاة الجيش، وفي إب اللواء 55 حرس جمهوري، وقائده الحياني، واللواء 30 مدرع.
وفي تعز اللواء 22 حرس جمهوري سابقاً، وقائده حمود دهمش، واللواء 17 مشاة وقائده العميد صالح الصباري، وهو من ألوية الجيش الوطنية، وقائده وطني أيضاً، واللواء 35 مدرع وقائده السراجي، وهذا اللواء تم نقله من الضالع، إبان الثورة الشعبية إلى تعز، وحل بديلاً له في الضالع اللواء 33 مدرع بقيادة العميد عبد الله ضبعان.
بالإمكان القول إن تحقق سيطرة الحوثيين، وعلي عبد الله صالح، على ألوية إقليم الجند الخمسة، وإحكام سيطرتهم على باب المندب، يعني اكتمال مخطط تفكيك الجيش، والانتقال إلى إعادة تطبيع الوضع والجيش.
أما انعكاس ذلك على الحياه المدنية والوضع العام، فقد يتم تطبيع الوضع سياسياً بطريقه عسكرية، على نحو ما جرى في العاصمة صنعاء، والهيمنة على الحياة السياسية والمدنية، وعلى مؤسسات الدولة بطريقة عسكرية ميليشاوية. أيضاً، هناك شرطان لعدم تحقق سيطرة الحوثيين، وعلي عبد الله صالح، على تعز ومنفذ باب المندب. الأول قدرة السلطة المحلية والأحزاب السياسية والقوى القبلية، وقوى الثورة على منع دخول، أو وجود الميليشيات المسلحة التابعة للحوثيين، وعلي عبد الله صالح. والثاني: رفض قادة الألوية العسكرية أوامر وزير الدفاع التي تقضي بتسليم الألوية لميليشيات الحوثي، والإصرار على الدفاع عن تعز، وحماية منفذ باب المندب.
ويمكن القول إنه لولا اشتراك وزير الدفاع في مؤامرة إسقاط المعسكرات، وتسليمها للحوثيين ولميليشيات علي عبد الله صالح، ابتداءً من التخلّص من العميد الشهيد حميد القشيبي، ولوائه 310، وكذلك إضعاف التيار القبلي المناوئ للحوثيين من المنضمين للثورة والقادة العسكريين، وجميعهم مقرّبون من حزب الإصلاح، لما تمكن الحوثيون من السيطرة التي نراها الآن.
أحمد الضحياني
سيناريو مرعب في اليمن 1319