في ظل الوضع السياسي الهش الذي يخيم على الوطن بات في الأفق أن الوطن سيظل مكبلاً بالأصفاد وأمام انحناءات عدة من شانها إدخاله في دوامة عميقة لا يمكن له الانتعاش في مكنوناته الحياتية..
التي تهددها النتوءات والصراعات بين الطوائف المتناحرة التي تنظر للوطن وأبنائه من خرم إبرة همها الأول والأخير فرض سنن جديدة على الأرض وعلى أبناء الوطن تحت مظلتها بعيداً عن الوطنية الشريفة التي انعدمت بين هذه القوى التي أفقدت الوطن بريقه اللامع والمتوهج وأسكنت بين حناياه القتل والدمار والشتات والمصير المجهول الذي بات شبحاً غليظاً يؤرق الحياة اليومية التي انحصرت بين الآهات والآلام والأسقام..
التي أثقلت كاهل المواطن وجعلته أن يحمل كفنه فوق كتفيه عنوة ومع سبق الإصرار ويلعن الانتحار في وطن كله انتحار وانتحار..
اليوم ومن خلال الانتحار السياسي والاقتصادي الذي يكتنف الوطن والجمود اللامعقول اصبح الوطن المعطى أمام معضلة احتدام صراع الأنصار أي "انصار الله الحوثيين وانصار الشريعة" اللذين يحاولا إحراز مكاسب استباقية في ظل هذا الوضع المعقد.
مما لاشك فيه أن الوطن لن تداعبه الأفق الوضاءة التي يحلم بها أبناؤه خاصة اذا صارت هذه الأطراف المتناحرة تنظر لمصالحها الشخصية بعيدا عن مصلحة الوطن والتي أكدتها بأفعالها القبيحة التي لن تنطلي على احد بان كل ما تدعي به سواء بهتان أو زور لا يمكن لأي شخص عاقل التمحور في جندتها والسير بين أطوارها المتغلبة والمتشعبة التي حصدت الحرث والنسل تحت راية فتاوي تضليلية لم تنبثق من الدين والشرع بل انبثقت من اجتهادات خاطئة حولت السلب إلى إيجاب وسمحت لأفرادها المنطوين تحت لواءها استباح النفس البشرية بكل هوادة مع العلم أن رسولنا الكريم اخبرنا انه أهون عليه أن تهدم الكعبة حجراً حجر ولا يراق دم مسلم ..
فصراع الأنصار يرتكز على نهج عقائدي وحرب طائفية لا يحمد عقباها؛ أي صراع سني شيعي بحيث سوف يحتدم الصراع وتتوسع رقعته إلى ابعد الحدود ليتولد في اطار محيطنا الجغرافي معادلة طائفية وصراع أبدي.
يحاول كل طرف فيها الانتصار على الطرف الآخر وجعل لغة السلاح والقتل والتنكيل سيد الموقف دون الاتعاظ إلى ما ستؤول اليه في حياة الوطن المنهار في شتى المجالات التي من خلالها وفرت لهذه الأطراف بيئة خصبة والتغلغل بين ثنايا الوطن كالنار في الهشيم وجعل أبنائه يصطدمون بواقع مغاير ومن نسج الخيال وبعيدا عن الواقع والمنطق الذي تتقبله المجتمعات التي لن تهادن على أي واقع..
فالوطن المتقوقع بين التشظي والبقاء لا يمكن له أن يظل شامخاً وقوياً بأي شكل من الأشكال وشعاع امل في أعين أبنائه الذين يقتلون ويكتوون بنيران هذه الصراعات السخيفة التي استباحت الواقع المتعايش فيه وحولته إلى أن يقتل الأخ أخاه تحت نهج عقائدي خاطئ امتطى صهوته ضعفاء النفوس البعيدين كل البعد عن تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف ..
لا نجوى تنفع ولا استغاثة تشفع, فالسيف سبق العذل مهما ادعينا ذلك فالدماء التي هدرت هنا وهناك ماهي إلا نيرانا حارقة أسسها الطائفية العمياء التي أفرزت سلوكاً خاطئاً بان كل ما تدعي به الفئتان حقاً ومسلمة بديهية يجب فرضها عنوة حتى ولو كانت من نسج الخيال وصنع إبليس اللعين لتفرض هذه الأطراف معادلة صعبة فك طلاسمها الحرب الأهلية والعقائدية التي لا مفر منها لنصبح في دوامة عمياء في حياتنا اليومية التي لا تقبل القسمة على اثنين خاصة في وجود هذا المخاض العسير الذي لن يبارحنا برهة من الزمن والذي أكده قولاً وفعلاً صراع الأنصار في المنهار ..
ناصر الشماخي
صراع الأنصار في الوطن المنهار 1224