كم تطلعنا لمجتمع يسعى لبناء الوطن بغض النظر عن الانتماءات وروح النزعات… وبناء على أن الاختلاف سنة حلمنا بجنة الاختلاف وفردوس الإبداع.. وفوجئنا أنها ظلت أفكاراً يتشدق الجميع بها دون استثناء أفكاراً يقف أمامها الكثير من الحواجز والعراقيل.. الوطن الذي يضم الجميع هو وطن مجوف من روح الانتماء إلا من رحم ربي وطن علله أرهقته وقصصه تعددت.. وطن لا تشرق عليه شمس إلا بحكاية و لا تغرب شمسه إلا بدراما غريبة. في وطني الجميل يوجد مواطن كادح يبتسم صباحاً ولا ينام كثيراً.. الهموم تطارده منذ ولادته تزداد مآسيه كلما تقدم بالعمر.. مواطن شهم وكريم لكنه لا يملك الكثير؛ مثقف سياسياً فاشلاً اقتصادياً يحمل شهادات عالية ووجه بائس عابس يعي تماما بل ويحب السلام لكنه لا يجيد إطلاقاً أدب الاختلاف… مواطنا بانتماءاته يذكرنا بالدول الحديثة.. ويذكرنا كثيراً بالدول البائسة الفقيرة بوضعه الاقتصادي. في وطني الجميل الكثير من الانتماءات والكثير من الخطابات إلا انه ولا احدها استطاع أن يقدم شيئاً له..
في وطني الجميل لا نفتقد العقول بقدر ما نفتقد التنفيذ.. في وطني الجميل يقبع المثقفون والقادرون على صناعة الوطن خلف الصحف وعلى أروقة الفيسبوك وتويتر ومحطات الإعلام فقط.. ويعبث الفاسدون والإمعات والأنذال وراء كراسي القرار.. في وطني الجميل طبيعة خلابة ومناظر لو سوق لها سياحياً لكانت في الصف الأول سياحياً؛ ترتبها قدرة الخالق وإبداعات الإرادة الإلهية لتنفس عن هذا الشعب المكلوم وفي وطني الجميل قلوب تحترق لأجله في مهاجرهم وأماكن غربتهم أبعدتهم فسوة الحياة فيه ليذوبوا عاطفة وشوقاً كلما مر على خواطرهم ذكرى ذلك الوطن القاسي.. في وطني فقط الكل مثقف سياسياً ولا يعي كيف يلتقي مع أقرانه على خدمة الوطن.. نحن يا سادة لا نعي ابسط أدبيات الاختلاف ولا ندرك سباق الخدمات, نحن فقط بارعون في تراشق التهم وإلباسها لبعضنا, كما أننا نتقدم كثيراً في محاربة الناجحين ووضع العراقيل أمامهم. لذلك كان لزاماً أن نعرف انه لم يكن الاختلاف لإنتاج الأفضل فالأفضل منه تركه ونزعه بل ووأده حياً. وان نستنسخ بعضنا ونتعايش خيراً من أن نختلف ونتقاتل.
بشرى عبدالله
أيدولوجية الوطن 1113