;
عصام المطري
عصام المطري

الإسلام يتحدى 1206

2014-10-14 18:58:24


الإسلام دين الله القويم الذي دعا إليه جميع الأنبياء والمرسلين, يمتلك مشروعا عظيما للنهوض والتقدم في شتى ميادين ومجالات الحياة المتعددة والمتنوعة, ذلكم لأنه صادر عن إله ورب عليم بما يصلح حال البشرية وما ينغص عليها الحياة في اتجاه الدراية التامة بأصل الفطرة البشرية السوية التي تقر المعروف وتنكر المنكر عفوياً وبدون أدنى التباس تبعاً لما قذفه الله فيها من يقين وإيمان فطري يهز الوجدان ويمضي مسارعاً في الخيرات, فالحياة بدون دين ينظم كافة شؤونها بالطبع إنها حياة كئيبة منقوصة، فوجود الدين الذي يشرعن للحياة السعيدة ضرورة وحاجة ملحة كي تستقيم أصل الحياة.

لقد تداعت الأمم على الأمة العربية والإسلامية تداعي الأكلة على قصعتها بعد سقوط الخلافة الإسلامية العثمانية وتقسيم ما يسمى بتركة الرجل المريض عقب الخسارة في الحرب العالمية الثانية إذ فرض الاحتلال الأجنبي الدخيل على معظم أقطارنا وأمصارنا العربية والإسلامية تحت دعاوى التعمير لهذه الأوطان فأطلقوا عليهم لفظ "الاستعمار" علما بأن كمال مصطفى أتاتورك- الذي تزعم جمعية الاتحاد والترقي المناوئة لحكم العثمانيين- هو الذي انقض على السلطة واسقط السلطان عبد الحميد الذي أبى بيع الديار العربية والإسلامية في فلسطين وقت ذاك حينما عرضوا عليه يهود الدونمة وحاولوا إغرائه إلا أنه لم يفرط بشبر واحد من أرض فلسطين الذبيحة, هذا فضلا عن أن الجمود والانغلاق في صفوف علماء الدين في الخلافة العثمانية الإسلامية هو من وراء التعجيل بسقوطها، فعلى سبيل المثال لا الحصر, تمنع العلماء من طبع المصحف وقالوا بتحريم الطباعة في الآلات المستجلبة من الغرب، فالرسول والنبي الأعظم- صلى الله عليه وسلم- يدعونا إلى الانفتاح على الغير فيقول في الحديث الشريف:" خذوا الحكمة عن أي وعاء صدرت" ويقول أيضا:" الحكمة ضالة المؤمن أنّى وجدها فهو أحق الناس بها".

ومع دخول معظم الأقطار العربية والإسلامية في مرحلة الوصاية والاحتلال الأجنبي البغيض أدى ذلك الاحتلال إلى تغريب الشخصية العربية والإسلامية وتولى مهام طمس معالمها العربية والإسلامية من خلال فرض لغته في التعامل، وقسر الحصول على وظائف في أجهزة الدولة المحتلة على من يجيد لغته نطقا وكتابة, هذا فضلا عن فرض ثقافته من خلال المناهج والمقررات الدراسية التي تعبر عن خصوصية وثقافة المحتل البغيض، وفي مثل هكذا حال تمكن المحتل الأجنبي الدخيل من تغريب الشخصية العربية والسلامية وطمس أبرز معالمها وملامحها ولعل الذي ساعد على ذلك هو انبهار الأمة بزيف بريق الحضارة الأوروبية الغربية، وجهلهم الواسع بالإسلام وتاريخ الأمة الإسلامية، بيد أن الإسلام في تحد ساخر إذ تمكن البعض من تلقين العدو الغاصب الويلات تلو الويلات عن طريق تشكيل حركات وفصائل وتيارات للمقاومة والجهاد على وجه البسيطة العربية إلا أن تأثير المحتل كان أمضى, حيث تمكن من إيجاد أياد وأصابع له في الديار العربية والإسلامية, حيث يعود إلى دياره فهيأ الاحتلال الأجنبي المباشر، ومعلناً الاحتلال بصورة غير مباشرة ذلك أن الاحتلال في معظم الأقطار والأمصار العربية والإسلامية لم يسلم راية التحرر إلا إلى أياديه وأصابعه من العملاء من أبناء جلدتنا الذين شربوا وتجرعوا أفكار العدو الظالم الذي تمكن من إحداث شرخ في جسد الأمة العربية والإسلامية الوحدة، لذلك نشأت معظم الأوطان والأقطار العربية والإسلامية مشطرة الأوصال تدعي أن الإسلام كدين هو من وراء تخلق الواقع العربي والإسلامي من أجل ذلك تمكنوا في بعض البلدان العربية والإسلامية من علمنة الواقع الحي المعاش وأقصوا الدين الإسلامي جانبا تماشيا مع العلمانية والتي هي في الأصل فصل الدين عن الدولة، فما لله لله، وما لقيصر لقيصر محدثين أزمات هز الواقع العربي والإسلامي المعاش.

إن الإسلام منهج حياة, حيث يجعل من كل حركة وسكنة عبادة لله عز وجل تبعاً لمفهوم العبادة الشامل والعمل الصالح الذي يقتضي أمرين ليكون عملا صالحا، فالأمر الأول ارتباطه بنية خالصة لله عز وجل، والأمر الثاني أن يكون موافقا للشرع هذا فضلاً عن الفكر الذي ينكر إلى الكون والإنسان والحياة بنظرة مؤسلمة تخلق تفكيراً متمايزاً عن تفكير الآخرين من غير المسلمين، وعلى هذا الأساس فإن المسلم لديه ميزان يجعله مرجعية في تفسير الأحداث والمواقف، وهذا ما كان سائداً عند الرعيل الأول في صدر الدعوة الإسلامية والذي سيطر فيها الإسلام على حركاتهم وسكناتهم وأقوالهم وأفعالهم وتفكيرهم.

إن أوروبا حينما انتفضت على دينها فلأنه محرف حرفه " شاؤول" اليهودي الأصل الذي قدم الديانة المسيحية على أنها سراب خادع فلا سلطة للدين على مختلف مجالات الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية كون العلة في الدين المحرف الذي يصادم أصل الفطرة البشرية السوية حيث تقول تعالميه:" إذا صفعك أحدهم في خدك الأيسر فأدر له الخد الأيمن" في تغافل عن أصل الفطرة النزاعة إلى الانتقام ففي الإسلام يقول الله عز وجل في القرآن الكريم العصي على التحريف الذي تعهد الله بحفظه يقول الله تعالى:" فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ" وفي معنى الآيات يقول "وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنفَ بِالْأَنفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ ۚ "..

إن العلمانية والحرية الإباحية المطلقة عصفت بحياة أوروبا والولايات المتحدة الأميركية حيث سقط التمدن والتقدم العلمي والتكنلوجي أمام الأوبئة التي خلفها أو خلفتها الحرية الإباحية المطلقة, حيث تمنع التعاليم هناك من الزواج بأكثر من واحدة بينما تطلق العنان للمعاشرة المحرمة واتخاذ الأخدان ما أدى إلى تفشي الأمراض الجنسية الفتاكة كالسيلان والزهري وآخرها مرض الإيدز التي عجزت الحضارة الغربية عن علاجه.

فالإسلام يتحدى- كونه الدين السماوي الخاتم الذي يسلم من أن تطاله أيدي التحريف- قال الله سبحانه وتعالى في محكم الآيات البينات " إنا نزلنا الذكر وإنا له لحافظون"، فالإسلام دين وعبادة والإسلام دولة ووطن حيث ينبغي أن تقوم الدولة على نصوص الدين الإسلامي الحنيف وتعاليم الشريعة الإسلامية السمحاء إذ سيتأكد العدل والمساواة والحرية المنضبطة بشرع الله عز وجل وستقوم حياة البشرية في العالم الإنساني الكبير على تعاليم الإسلام في نهاية المطاف والتي بشر بها النبي والرسول الأعظم عليه أفضل الصلاة وازكى التسليم إذ المطلوب الصبر ومجاهدة النفس فالمعركة محسومة لصالح الدين الإسلامي الحنيف الذي هو دينا سلم من التحريف والتحوير كما أشرنا سابقا، وهذا يعطينا دفعة عظيمة إلى الأمام.

فلا سبيل للمقارنة بين تعبدنا وتعبدهم فنحن نتبع الحق المطلق ونتطلع إلى تشييد حضارة عربية وإسلامية على غرار الحضارة العربية والإسلامية التي شيدت في الماضي القريب بحيث نبدأ بتوحيد أهداف المجاميع والقوى السياسية والاجتماعية وتحقيق الاجتماع على منهاج الإسلام بإيجاد صحوة إسلامية حقيقة تقتلع جذور الانقسام والتشظي والتشرذم من بين صفوف الأوساط الشعبية والجماهيرية.

فمع تطبيق الشريعة الإسلامية السمحاء ستحل كافة مشاكلنا وأزماتنا المستعصيات على الحل ذلكم أن الدين الإسلامي الحنيف صالح لكل زمان ومكان وللإسلام الحظوة والغلبة والتمكين بإذن الله سبحانه وتعالى وذلك متى توافرت قوافل الرجال الملتفين حوله المطبقين شرعه العاملين به في الشاردة والواردة المتمسكين بمنهاجه القديم في ظل التخبط وعدم الثقة بالله وبهذا الدين السماوي الخاتم الذي فيه العزة والنصر والمنعة على أعداء الإسلام الذين يتربصون بالأمة الدوائر ويحاولون للمرة الألف ثني الأمة عن دينها ومصدر عزتها.. والله المستعان على ما يصفون.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد