تدور عجلة الزمان إلى الأمام في كافة نواحي الكرة الأرضية ويتمتع بنو البشر في الكثير من الدول المتحضرة بنُظُم حديثة تكفل لهم كامل الحقوق الإنسانية , وتضمن للإنسان حريته وترعى كرامته وتصنع له بيئة خصبة لينمو ويتطور ويبدع ويعيش في بحبوحة , متنعما بحياة كاملة تنمي قدراته العقلية والجسدية والنفسية ..! مجتمعات تحترم إنسانية بني آدم وتقدم لهم أفضل السُّبُل وأيسرها للعيش الكريم ..!
التطور زخمٌ يملأ عيش الناس في تلك البلدان رغم تشبعها بنظرية البقاء للأقوى حتى النخاع ,غير أنه استقواء على أمم أخرى وليس استقواء بعضهم على بعض !
كل شيء هناك يخدم المواطن , دولته خادمة له , تمنحه ما يستحقه من حياة كريمة تليق بالمخلوق الذي كرمه الله جل وعلا فأسجد له ملائكته وأنزل له كتبه وبعث له رسله وبنى له جنته , ثمة تطور ومدنية تملأ أركان الأرض في بقاع شتى عدا منطقتنا العربية حيث مازلنا نتمثل أقدم النظريات في بناء الدولة ..!
والمشهد في اليمن أشد وأسوأ وأنكأ ..فها هي ذا الجماعة المتشبعة بشعار البقاء للأقوى تستقوي على كافة المكونات رافعة شعارات كلها عدوان وغضب على الآخر , مدعيةً أن خروجها إنما هو خروج لبناء دولة مدنية مع أنها تلتزم النظرية الثيوقراطية في السلطة والمبنية على تقديس الحاكم واعتباره مختار من الله جل وعلا !
دولة السيد ماذا تعني ؟
هي اختزال للنظرية القائمة على قداسة الحاكم المتلبس بالدين إفكاً وافتراء وكذبا وزوراً وبهتانا ..!
إنهم يعشقون السلطة بجنون , حتى أنهم يحرفون التاريخ الأول لخلافة المسلمين ليثبتوا أحقيتهم في الاستحواذ على السلطة !!
الدولة والسلطة ليست للأقدس ولا للأقوى بل هي للأصلح لها , للأقدر على إصلاح شؤونها وتطوير حياة شعبها وحفظ وصيانة كرامتهم وسيادتهم ..!
من سينطلي عليه شعاراتهم الزائفة وتصريحاتهم المناقضة لأفعالهم ؟!
الشعب ليس قطيع أغنام خرقاء ,ثمة وعي يملأ العقول ,حتى عقول البسطاء تدرك ماهية أغراض هذه الجماعة المعلومة والجلية للأفهام !
الشعب لا يريد دولة القداسة للحاكم , لا يريد دولة تُحمِّل الدين مالا يحتمل , وتشوِّه روحه الحارسة لحريات العباد , وتحيله حبلاً غليظا تخنق به الشعوب بحجة إقامة الشريعة التي أعوجت بفضل الأفهام القاصرة , والجماعات المفصلة للدين وفق أهوائها !!
يسعون لإقامة دولة متخلفة بتجريدهم الدين من كنهه وحقيقته الفاضلة , متبرئون كذباً من الطمع المذموم في السلطة !
فذم اللهث وراء السلطة معلوم في السُّنة المطهَّرة , حتى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ردَّ طالب الإمارة قائلاً : لا نعطيها لمن سألها !
فكيف بمن يسفك الدماء البريئة لنيلها ؟ يُخرِج الجُموع عارفاً ومُوقناً بأنها مقتولة بيد متحامق ممسوخ العقل والدين ؟؟!
اذهبوا جميعكم يا من تطلبون السلطة بالدين إلى جحيم أطماعكم , وموتوا كمداً بفوران قلوبكم أسفاً وحزناً على السلطة , فالشعب لن يمنحكم أصواته ولن يهتف لكم , لن يعطي السلطة لأي طالب لها باسم القداسة الربانية تزينا وزيفاً , وقولاً على الله زوراً و كذباً ونفاقا !!
نبيلة الوليدي
الثيوقراطية الحوثية ..!! 1341