لا أعلم هل الرئيس هادي يُعاني من عمى الألوان.. ويرى الأخضر أحمر, والأزرق أسود, و..؟ أم أن الرجل قبل بوضع نفسه شخصية ثانوية ومُهمشة في إدارة شؤون الوطن بل وبإحراق شخصه والإجهاز نهائياً على ثقة اليمنيين في أي قول أو ممارسة للرجل حتى بعد توديعه مجلس الرئاسة.
منذ بدأ الحوثيون توسعهم بدءاً من الحرب ضد السلفيين في دماج, وحصارهم لدماج وتضييق الخناق عليها, واتضاح ممارسات القضاء على هذا الكيان, أو تهجيره, برزت الخطوط الحُمر للرئيس هادي بعبارات متعددة: أن تهجير فئة, أو إشعال حرب طائفية, أو... خط أحمر لا يمكن تجاوزه, فإذا به يتحول إلى خط أخضر ممهد حيث طلب هادي من السلفيين ترك دماج وإفساح المجال ما لم فأنه بريء منهم وأن الطائرات الأمريكية ستهاجمهم.. فرحل السلفيون.. وسقط أول خط أحمر للرئيس هادي.
وبعد أن تجاوز الحوثيون الخط الأحمر إلى خمِر وبسطوا نفوذهم عليها امتدوا إلى عمران, وهدد هادي بأن محافظة عمران خط أحمر, فمكث الحوثيون مُعتصمون في عاصمة المحافظة متوسعون في المُديريات.. ما أوقفهم عن إسقاط المحافظة خط هادي الذي خبروه بل أوقفهم القشيبي لبرهة يتدارسون مع هادي تجاوز عائقهما القشيبي لولوج خط هادي؟!, وما هي إلا أيام ويفتتح هادي رسمياً مبرر الخط الأحمر الرئيس فيقر الجُرعة القاتلة, في توقيت يكشف عن تآمر المُقرر وسوء نواياه, وعدم أخذه بمشورة مجلسي النواب والشورى, وفي وقت أغلب الموظفين والمسئولين في إجازة العيد.. المُهم أنذره الحوثيون, وصمت المؤتمر والمشترك, وهادي, وبتعمد لخلق الإثارة يصر هادي على قرار الجُرعة للمشتقات النفطية, وأن الحكومة والنظام بدون هذا القرار سيهلكان لا مُحالة, وتحول إلى خبير اقتصادي ممارساً الوهم والتضليل على الأحزاب السياسية ـ لاسيما تجمُع الإصلاح ـ لتتبعه وتقول: نحن إلى ظهر رئيس, وعيب نكسر إصراره على تحدي الحوثيين بالاستمرار في الجُرعة,.. فحقق بذلك تسارع الأحداث المطلوبة في الفلم المسرحي, الذي ليس هادي فيه سوى مُخرج فيما المُعد والمُنفذ يزودانه بكُل شيء ليتولى مهمة التنسيق فقط بين المضمون والمؤثرات..!
ما يُهم ونحن بصدده: رأى ولمس اليمنيون تصعيداً مُقابلاً عنوانه (الحوثيون).. كبطل للمسرحية فيما البطل الحقيقي لا يفضل الظهور المباشر لسبب أو لأخر ويترك الدلالة في مضمون المسرحية وشخصياتها وأحداثها الفرعية؟.. ومنذ بداية حصار صنعاء.. ظهر هادي مُهدداً ومتوعداً الحوثيين بأنهم تجاوزوا حدودهم.. وأن صنعاء خط أحمر لا يمكن معها التهاون والمهادنة؛ لأنها عاصمة 25مليون يمني, وعاصمة الوحدة.. ومن هذا الكلام الكثير الذي سمعه.. وكانت النهاية كما عرف وشاهد اليمنيون والعالم أجمع.. سقطت العاصمة, وقبلها سقط إصرار الرئيس على قرار الجرعة وتنفيذه, وسقطت حكومته, ونظامه مضموناً وروحاً, وكان سقوط صنعاء باجتياحها إنهاء لكل خطوط هادي الحُمر.. وإنهاء مُسبق وحتمي حتى لما تحدث عنه أنه خطوط حُمر ولم تصلها الأحداث بعد.. ومن خطوطه الحُمر التي لم تصلها الأحداث خطان فقط: الوحدة خط أحمر, والرئيس خط أحمر, وكرسيه من نار؟!
ونتيجة ضمنية وحتمية أضحى يدركها المواطن البسيط والعادي مفادها: أن أي خطوط يقول عنها هادي: حمراء فهي خضراء حتماً مُستشهدين بكُل الخطوط الحمراء للرئيس والتي تغير لونها إلى النقيض مما قاله تماما.. وأضحى حديثه وظهوره مدعاة للسخرية والتسلي والضحك.. لدى عامة اليمنيين, والبعض يشفق عليه ويقول مسكين لا يهش ولا ينش الله يرحم حاله,.. والجميع يجمع على ضعف الرجُل وقدراته الإدارية والشخصية, ومحدودية ملكته وتأهيله, والتي جعلته يقبل بأن يكون صاحب الدور الهش والهامشي الذي لا شخصية له ولا تأثير فيما تشهده اليمن من أحداث.. بالمُختصر المُهم أنا الرئيس وأنتم أعملوا ما اشتيتم,.. لا يهمني يقول المواطنون أنا كذبت واصل وجاء كل شيء عكس ما أقوله لهم, ولا يهم أنهم ما يوثقوا بي بعد كُل ما عانوه من عدم قدرتي على إدارة الوطن, ولا يهم أني لست صاحب قرار, أو قرر لغيري ليحقق هدفه, وأرجع عن قراري إذا ما عاد أعجبش؟!.. المُهم أني قد طلعت رئيس واليمنيين يسدوا هُم ورجال الله وحُمران العيون..
وأنا أكسب القوي أياً كان, يقرر ويُحكم ويعمل ما يريد وحتى يمدد, ويؤخر الدستور, والانتخابات.. المُهم يخلوني رئيس ويدعوني هادي, وغير ذلك لا علاقة لي به ولا سُلطة لي عليه.., الخطوط الحمراء لهادي بين قوله والواقع أسقطت هيبته وهيبة القوات المُسلحة والأمن, وأنهت كثيراً من القيم السياسية, والاجتماعية الخيرة والإيجابية, وتضررت كُل مجالات الحياة في اليمن.
ونحن هنا نرصد مُقتطفات محددة من واقع مؤلم لمسه اليمنيون.. ولا تهمنا الفئات المُستفيدة أو المتضررة من ضعف الرئيس ومواقفه ,وقراراته.. فما يهمنا وعامة المواطنين, والأحزاب, ومنظمات مُجتمع مدني, أن يكون رئيس الجمهورية أياً كان.. قدوة في المسئولية الوطنية, صادق مع شعبه أن حدثهم حديثاً لمسوه واقعاً, وأن وعد أوفى, رحيماً بالضُعفاء, باراً بيمينه, حريصاً على مُقدرات الدولة وثروة الوطن, ميزان عدل لا جور, لا يطمئن الناس بواقع يرونه خلاف قوله, رئيس: أن قال بقي كلامه كقول مأثور وشاهد صدق يتناقله مواطنيه, لا أن يتناقلوها كشواهد للسخرية منه والاستدلال على عدم تحمله للمسئولية.
ماجد البكالي
هادي والخطوط الحُمر؟! 1581