قبل أيام لقي عريس وعروسه في مدينة تبن بلحج حتفهما اختناقا بعادم مولد كهربائي بعد ساعة واحدة من زفافهما، ليزفَّا مباشرةً زفاف آخر، لكنه حزين إلى القبر بدلاً من قصر الحياة الزوجية الذي كانا يحلمان به.
شابان في العشرينيات من عمرهما أرادا الفرح فنغَّصت عليهما الكهرباء فرحتهما بانقطاعها ، حاولا إكمالها بالاستعانة بمولد كهربائي فكانت نهايتهما أليمه عندما تسبب غازه القاتل المتسرب بخفة إلى مخدعهما في اختطاف روحيهما وفرحتهما وفرحة أهاليهما معاً.
هي إذن جريمة قتل تسببت بها بصورة مباشرة وغير مباشرة وزارة الكهرباء، وما يؤلم أننا لم نسمع من يطالب بمحاسبة القتلة رغم تكاثر وتوالي جرائمهم ،المروعة بحق الأبرياء ،كما لم نسمع الجهات الرسمية المعنية تكلف نفسها حتى عناء الاعتذار عن جريمتها هذه أو تتحدث عن تعويض للضحايا.
ليست جريمة وفاة عروسي لحج أولى جرائم وزارة الكهرباء فقبلها قضى العشرات وربما المئات بذات الطريقة، كان من بينهم أسر بأكملها نامت فلم تستيقظ بفعل العوادم السامة للمولدات الكهربائية التي يفرض وجودها في منازل الناس ،الحر القاتل في ظل الانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي.
قبل نحو العام ودَّعت لحج القائد العسكري والأكاديمي البارز العميد د.محسن احمد علي نائب عميد كلية الشرطة وابنته اللذين قضيا في منزلهما بصنعاء وبالطريقة ذاتها ناما ولم يستيقظا بفعل الغاز السام.
وبالأمس القريب جداً كاد زميلنا الأستاذ/ عبدا لله باكدادة مدير مكتب ثقافة عدن السابق وعائلته الكريمة أن يلقوا مصيراً مشابها بل وأشد بشاعةً عندما احترق منزلهم وهم بداخله فأصيب هو وإحدى بناته والتهمت النيران المنزل بأكمله بسبب الكهرباء، وقبله تعرض للموقف ذاته الصديق نزيه الشعبي مدير عام الاستثمار بمحافظة لحج عندما تسببت الكهرباء في حرق أجزاء واسعة من منزله بعدن.
ليس ما ذُكر من مآسي سوى شواهد مؤلمة، لنماذج من الجرائم التي تسبب بها تردي خدمات وزارة الكهرباء ،والتي لم تقتصر على الخسائر اليومية للمواطنين نتيجة عطب أجهزتهم الكهربائية والالكترونية ،لتتعداها إلى إزهاق أرواح المئات في منازلهم كما أزهقت أرواح الآلاف من المرضى في المستشفيات وفي المنازل أيضاً.
إن استمرار النظر إلى جرائم القتل التي تحدث لكثير من الأبرياء بسبب الكهرباء باعتبارها جرائم لا يحاسب عليها القانون، أمر يتنافى مع القانون ذاته ومع العدالة الربانية ، كما يشكل تجاوزا وتعديا على حقوق الضحايا وذويهم في القصاص الجاني أكان بصورة مباشرة أو غير مباشرة ،وهو ما ينبغي مواجهته بحركة مجتمعية وشعبية رافضة لمسلسل جرائم القتل التي تحدث بسبب الكهرباء وما يرتبط بها بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
منصور صالح
جرائم قتل لا يحاسب عليها القانون 1226