ما تعارف عليه البشر أن كل عملية خنق تهدف إلى إزهاق روح وإنهاء مشوارها على الأرض. وهذه سياسه لا يلجأ لها البشر أفراداً وعصابات وجماعاتٍ ودولاً إلا في حالة الشعور بأن بقاء المراد إزهاق روحه تعني موت للجاني وهذا ما ينطبق اليوم على مشروع تدمير صنعاء من قِبل صالح والحوثي, فقد وصل الطرفان إلى قناعه أن وجود النظام في صنعاء ينفذ مخرجات الحوار ويدير العملية الانتقالية الى تسليم البلد لمن يفرزه الصندوق حاكماً لهذا البلد وممثلاً لهذا الشعب وبما أن الدستور يمشي على قدمٍ وساق والاستعداد جارٍ للانتخابات ونظام الأقاليم فقد شعر الطرفان بأن لا مناص من خنق صنعاء وهادي والمبادرة وإحلال نظام بديل خليط من الطائفية الإقليمية وقوى أسرية وقبلية وجهوية تعيد صنعاء إلى المربع الأول ما قبل ثورة سبتمبر لا بل ثورة ٤٨ لأنها تُيقظ صراعات جهوية وسلالية كان التنافس السياسي والعسكري والقبلي قد أنهاها ويراد اليوم لها أن تقتل مستقبل صنعاء واليمنيين.
*قبل فوات الأوان
ما يزال في الوقت متَّسع لأن يلتقي الفرقاء لحل الإشكال وتحكيم العقل وإسعاف الوطن من إصابات مقتل بات يعانيه وندعو كل العقلاء إلى مراجعة حساباتهم والقيام بواجب النصح والأخذ على يد الجميع لتدارك الموقف؛ لأن استمرار المغامرة سيجد شعبا وجيشا ماتزال غالبيته تعشق وطنها ولن تبرح حمايته حتى الرمق الأخير ولم يحمل التاريخ أن عصابة أو جماعة أو فئة تحمل روح الانتقام تحت أي مسمى استطاعت أن تهزم روح أمة مهما كانت درجة ضعفها.
* نتائج السراب
في حال استمرار حالة التحدي لهذا الشعب سواء في الجوف أو صنعاء أو غيرها فإن نتائج الوضع ستكون كالتالي:
*انكسار أي عمل في صنعاء سيفقد جماعه الحوثي كل مكاسبها السابقة وسيفقد المتحالفين معها مواقعهم في صفوف السلطة والجيش وسيمزق ما تبقى من نسيج للمؤتمر الشعبي العام.
*سيعزز تراجعهم في صنعاء روح الانتقام في عمران والجوف ومأرب وصعدة ...وغيرها
* ستغير التحالفات الاقليمية وستطيح بمقربين من المملكة والإمارات كونهم أغفلوا أمنهم الإقليمي رغبةً في الانتقام من خصومهم.
*ستثبت الأيام القادمة مدى عقلانية "الإصلاح" وحرصه على علاقة أخوية مع القوى السياسية والاقليمية وأتوقع أن تُلملَم كثيرٌ من الشوائب العالقة.
* ستفقد إيران بريق ورقة اليمن والتي تسوِّقها للتفاوض مع القوى العالمية لما تملكه من موقع استراتيجي.
هذا في حاله تهور خانقي صنعاء أما في حالة تعقلهم وقبولهم بحوار يُفضي إلى اتفاقات مُرضيه فستختلف الحالة تماماً وستوجد حالة من التوازن في المكاسب والخسائر من كل الأطراف حتى تتغير المعادلة الخارجية المؤثرة في المشهد اليمني وستظل الاصابع فوق الزناد حتى تنتهي الفترة الانتقالية مالم يتجدد الصراع مرة أخرى وخلال الفترة من خفض التوتر للاستفتاء على الدستور والانتخابات القادمة ستكون لعبة التحالفات السياسية والقبلية والمناطقية والشخصيات النافذة وجمع أكبر قدر من المؤثرين شعبياً هي معركة المرحلة القادمة وستكون أخطر من المرحلة الراهنة لأنها سترسم المشهد اليمني لما بعد المرحلة الانتقالية وقد تمتد لسنوات لا يُستهان بها.
فؤاد الفقيه
صنعاء ترسم التأريخ 1365