ربما الكثيرون باتوا يتبادلون التحليلات والتصريحات واعتلاء المنابر الإعلامية ومواقع الصحف والصفحات والقنوات على أن صنعاء قد تم سقوطها والعاصمة على وشك السقوط ولم يتبقَّ إلا دقائق وساعات على سقوطها بيد المجاميع والمليشيات المسلحة.. فمن هذا المنوال ربما أرفض النقاش أو التكهُّن أو الدخول في تفاصيل مع الكثيرين من المحللين والسياسيين..ما هو السيناريو المحتمل الذي يؤدي إلى إسقاط الدولة ومنظومتها المركزية وعلى حساب ثورة الحوثي التي تُظهر إسقاط الجرعة والحكومة وتُبطن إسقاط الدولة وخلط الأوراق والتنصُّل والتخلي والانقلاب على كل المعايير والمتغيرات والوثائق والمبادرات المحلية التي طُرحت فيما سبق (أي فيما يخص دماج وعمران والجوف وصنعاء وغيرها) أو التي أعلنها الرئيس هادي مؤخراً والتي تتعلق في التعامل الإيجابي مع مطالب الحوثيين ومن تحالف معهم من القوى التي فقدت مصالحها في ما يتعلق برفض الجرعة السعرية الأخيرة, ومن منظور أيضاً المسؤولية الوطنية التي يتوجب على القيادة أن تتماشى مع ضروريات الوضع وخطورة المرحلة وتفويت الفرصة على الحاقدين وأصحاب الأجندة الخارجية على تنفيذ مخططات وبرامج تهدف إلى تقويض الأمن والاستقرار في اليمن على تدشين حروب طائفية وعنصرية وسياسية بدايةً من صنعاء.. بالرغم من وجود خارطة طريق تلزم جميع القوى والجماعات وفي المقدمة جماعة الحوثي على الالتزام وتنفيذ ما تم التوافق عليه من جميع الأطراف والمكونات والجماعات في مؤتمر الحوار الوطني ..ولهذا استطاعت جماعة الحوثي أن توصل رسائلها المفخخة إلى الخارج قبل الداخل من دون أن تدرك منعطفات ومتقلبات وعواقب التمادي والاعتداء والتمردات والخروقات والغرور والعجلة التي تنقلها إلى المنهج وإلى المخطط المدروس والمأمول.. فكانت محطتها الأخيرة العاصمة بعد أن استطاعت أن تحشد وتشتري الولاءات والذمم وتكسب الموالين والمناصرين لوجهات وشخصيات قبلية وحزبية لاتزال متمسكة بالعادات والتقاليد القبلية وتتعصب للمناطقية والسلالية والمذهبية والتي لاسيما تكون مثل تلك المشاهد أوجدت تقارباً ثقافياً وقبلياً وسياسياً ومناطقياً بين تلك المكونات وتنافراً مع تلك التسويفات والتضليلات التي تعتمد عليها جماعة الحوثي بأن المذهب الزيدي وأن السلالية القبلية وأن آل البيت وأن العادات والتقاليد القبلية وأن الحكم الإمامي والزيدي والصنعاني والسنحاني في خطر وفي انخراط وتوديع وفي نهاية ..فالدولة اليمنية الجديدة والتكفيرين والسعوديين والشوافع والجمهوريون والجنوبيون وأبناء الشوارع وأصحاب البنطلونات والفُوَط وأصحاب ما يسمونهم منزل استطاعوا أن يتآمروا مع بعض القبائل في صنعاء وعمران والجوف ومأرب للإطاحة والعداء بدولة الزيود... طبعاً هذه كانت بعض التسويفات والدعايات والتضليلات التي تمارسها جماعة الحوثي على الواقع لتوطيد وحشد الحشود بالإضافة إلى التنسيق والتحالف والدعم اللامحدود من قبل العديد من القيادات والوجاهات والسياسيين المتأثرين والمتضررين والمناهضين والحاقدين على نظام الرئيس هادي ودولته الجديدة التي في نظرهم سوف تسلبهم الدين والمذهب والحُكم ..فمثل تلك المفارقات والتناقضات والممارسات التي تقوم بها جماعة الحوثي لتعطيل المسار وعرقلة العجلة وهدم البناء الجديد لا شك أن جماعة الحوثي جعلت من هذه المكونات ومن تلك الجماعات منصة للإقلاع وسلاليم للهبوط ومدرج للسيطرة والتمكين وتحقيق مكاسب سياسية ونفوذية للدولة الفارسية الإيرانية فقط لا غير ..فلا يهمها وطن ولا يعنيها المذهب الزيدي ولا تخصها عادات وتقاليد القبائل والمناطق ولا تعنيها جرعة هادي ولا حكومة باسندوة ..وإنما تهدف إلى الضاحية الشمالية في اليمن وإلى توطيد ونشر المذهبية وضرب الوجوه وشق الجيوب مران ..وإلى تأسيس كربلاء أخرى في اليمن..بالإضافة إلى إضعاف الخصوم والمحدثين والمبتكرين والتكفيريين ــ حسب قولهم ..فمن هذا المنبر الإعلامي ينبغي على كل يمني غيور على دينه وعرضه , غيورعلى سيادة الوطن ووحدة أراضيه أن يستشعر ويدرك تلك المخططات والمبرهنات والمساعي والدعوات والصمت والتحفظات من قبل الدول الشرقية والغربية واليهو/أمريكية وعلى بساط ومائدة قوى ودول صديقة وشقيقة تحاول اليوم تجرعنا حتى نتقزم ونتشظى ونتخلى عن بعضنا ونتقاتل ضد بعضنا بعضاً.. بثقافة المسيرة الحوثية وبلهجة الصرخة الإيرانية وبلباس القبيلة اليمنية وبلسان التعبئة المذهبية وبمخطط المقاومة اللبنانية واليوم في ميدان الشهامة والقبيلة والنصرة والنضال والفداء والتآخي للمكونات والقبائل اليمنية وعلى حساب تظليل الشعب بإسقاط الحكومة ومن بعدها الجمهورية اليمنية.. فلا خوف على صنعاء ولا قلق على من سكن صنعاء ولا تخوف على المنشآت والمقرات الوزارية والحكومية والرئيسية والرئاسية والسياسية والخاصة والأهلية والحزبية ..فهناك من سيدافعون عن صنعاء وهناك من سيدحرون ويقهرون من يحاول المساس بصنعاء؛ لأنها ليست عاصمة الحوثين ولا الإماميين ولا الجمهوريين ولا الوحدويين ولا الشماليين ولا الجنوبيين ولا السياسيين والحزبيين ولا عاصمة بني الأحمر ولا بني الأصفر وإنما عاصمة كل اليمنيين ..لهذا أقول لأولئك السياسيين والكُتاب والمحللين والمؤيدين والمعارضين والمشاغبين والمسالمين والحوثيين والحراكيين والمشترك والمؤتمريين والقاعدة والمتطرفين والدبلوماسيين والساكنين والقانطين والضيوف والمسافرين أن صنعاء في مأمن وفي صون وحماية ووقاية من أي كيان كان له اسمه ورسمه وعنوانه ومكانته وحماتها ورجالها وأبطالها رجال يحبون الموت كما تحبون أنتم الحياة, إنهم أبناء المؤسسة العسكرية والدفاعية والأمنية في مختلف وحداتهم ..ومن خلفهم شعب اليمن من أقصاه إلى أقصاه.. فهل يا ترى تفهم حروفي أصحاب المنابر؟ وهل أدرك كلامي رجال المغافر..؟ وهل استوعب طموحاتي وأمنياتي من تحملوا مسؤولية حماية المسالم والمسافر ؟ وإذا لم يسمعوا ويستوعبوا وتسمعوا فما عليكم وعليهم إلا أن تقنطوا وتسكنوا ويستبدلكم ربي بمن سكنوا المقابر.. والله المستعان.
د.فيصل الإدريسي
لا خوف على صنعاء..!! 1173