هناك تفسيران لما يحدث اليوم في اليمن من توترات وعنف وفوضى وإرهاب وتدمير ممنهج لمقومات الدولة ومؤسساتها.. الأول وهو الرأي الشائع يرى في أن ما يجري على الساحة اليمنية هو امتداد للعاصفة التي تجتاح المنطقة العربية بل ان ما يعتمل على أرض اليمن من تطورات ساخنة ليس أكثر من صورة طبق الأصل للسيناريو الذي يشهده العراق أو ذلك السيناريو الذي يطبخ على نار هادئة في سورية.. ولعل ما عزز من هذا الاعتقاد هو تكرار اتهامات الرئيس عبدربه منصور هادي لطهران بالتدخل في الشأن اليمني وأكثر من ذلك فهو من أشار في الأسبوع الماضي وهو يرد على التساؤلات المتداولة في الأوساط السياسية داخل اليمن وخارجه عن طبيعة التداعيات التي تتفاعل داخل العاصمة صنعاء ومحيطها: بأن ما تقوم به إيران في اليمن يستهدف إجهاض العملية السياسية وعرقلة المرحلة الانتقالية وإغراق هذا البلد في مستنقع الفوضى والفتن والحروب الطائفية والقبلية والجهوية حتى يتسنى لها خلط الأوراق في المنطقة والإمساك بإحدى أوراق الضغط التي تسمح لها بمقايضة صنعاء بدمشق أو بغداد.
أما الرأي الآخر فإنه الذي يعيد نتائج ما يحصل اليوم في اليمن من توترات وحرائق وأعمال عنف إلى فشل القوى السياسية التي تقاسمت مفاصل السلطة التنفيذية خلال المرحلة الانتقالية في خلق اصطفاف وطني واسع قادر على مواجهة الأخطار الداخلية والتحديات الخارجية والانتقال بالبلاد من دوامة العنف والانقسام إلى واقع التصالح والتوحد.. وليس هذا وحسب بل إن هناك من يحمل السلطة الانتقالية مسؤولية كل الخروقات المتكررة التي أسهمت في تآكل هيبة الدولة وزعزعة الاستقرار الداخلي وتردي الأوضاع الأمنية بما انعكس بشدة في تغول الجماعات الإرهابية والمليشيات المسلحة وفرض منطقها العبثي في مناطق يمنية عدة وليس ما تتعرض له صنعاء ومنافذها والطرق المؤدية إليها التي تطوقها الحشود القبلية المسلحة سوى واحدة من تلك الصور العبثية والبائسة التي تعاظمت بفعل عدم استيعاب السلطة الانتقالية لمقتضيات المرحلة الانتقالية وإخفاقها على نحو لا لبس فيه ولا غموض في معالجات الأخطاء والعيوب والاختلالات التي أسهمت دون العبور بالبلاد إلى الوضع الدائم والمستقر.
وفي كلتا الحالتين فما من شك ان الأحداث التي تتزاحم يوماً بعد يوم وتمتد آثارها في أرجاء اليمن لم تكن فعلاً طارئاً بقدر ما هي إحداث من صنع الداخل والخارج فكل منها يحمل علامات ومؤشرات على أن هناك أصابع خبيثة وقوية تعمل بإحكام شديد على الدفع بهذا البلد نحو الانهيار والسقوط في حافة الفوضى والعنف وبما يحيله إلى صومال آخر تتنازعه المليشيات المسلحة وعناصر التطرف والإرهاب خصوصا بعد أن تعززت القناعة لدى بعض الأطراف الداخلية والخارجية بأن الصراع المحتدم فيه لم تعد تحكمه منهجية متوازنة في ظل تضارب مصالح الأطراف الداخلية والخارجية والتي يقرأ كل منها المشهد من منظوره الخاص.
وعلى ضوء هذا كله فليس من مصلحة دول الخليج الذي يعد اليمن عمقاً لها ولأمنها أن تظل صامتة عن المؤامرات التي تسعى إلى تمزيق هذا البلد إذا ما أخذنا بعين الاعتبار التأثيرات الماحقة التي ستترتب عن ذلك وانعكاساتها على الأوضاع في المنطقة الأمر الذي يجعل من حماية هذا البلد من الضياع والتفكك يمثل في حقيقة الأمر حماية لجيرانه من مخططات باتت واضحة ومكشوفة وتستهدف المنطقة كلها.
الرياض السعودية
علي ناجي الرعوي
من يقف وراء تصاعد التوترات في اليمن؟! 1637