تعتبر محافظة الجوف من أهم المحافظات اليمنية التي تقع في مكان استراتيجي مهم، يفصل صعدة عن مأرب وتواجه الحدود الجنوبية للمملكة السعودية، وهي محافظة ظلت إلى عهد قريب محافِظة على نُصرة الهاشميين أسلاف الحوثيين في الفكر والسياسة الذين ظلوا يجهِّلون أبناء الجوف بثقافة عمياء تدعوهم إلى طاعتهم لكونهم يستحقون الطاعة بالأمر الإلهي، وبعد ثورة 26سبتمبر كان موقف قبائل الجوف مع العهد الإمامي البائد قوياً ومدافعاً حيث خاضت الجوف حروبا قوية ضد النظام الجمهوري بهدف اسقاط الثورة اليمنية ضد الإمامة، انطلاقا من الثقافة المغشوشة التي غرسها الطغاة بين أبناء الجوف كعقيدة ودين إلهي يقدسونهم بها ويهبرون الجنة من صكوكهم التي يصدرونها، حتى لقد عقد اليمنيون مؤتمراً في برط شكل النواة الأولى للاصطفاف اليمني ضد التدخل الخارجي لليمن والتعاون على التفاهم حول الحقوق والواجبات التي يجب أن يقوم بها، وقاد ذلك المؤتمر أبو الأحرار العلامة القاضي محمد محمود الزبيري رحمه الله، لكن عصابة الغدر والخيانة والتآمر من طرفي النزاع على النور الي يحمله الزبيري جعلت من برط تحمل إثم اغتيال أبي الأحرار الذي قاد الحركة الإصلاحية والتصحيحية الممتدة عبر تأريخ اليمن الإسلامي لمسار الثورة والتخلص من الإمامة، وظلت قبائل الجوف تقاتل مع النظام البائد حتى هزمت بقايا مخلفات الإمامة وانتصرت الثورة واكتشفت محافظة الجوف وقبائلها أنهم ظلوا مئات السنين في ثقافة الاستبداد والتبعية، ومن ثم بدأت ثقافة التحرر من الولاء للمستبدين والعدالة والمساواة تنتشر في المحافظة الأبية ووعى أبناء الجوف أنهم ظلوا مُغرَّر بهم بتلك الثقافة الطائفية التي ترفع أبناء الطائفة وتحط من أبناء اليمن، وانتشرت المدارس التي تحمل فكراً موحداً يساوي بين العباد في كل محافظات اليمن، بيد أن ثورة فبراير المجيدة قامت للتخلص من بقايا الاستبداد والتبعية الطائفية والمناطقية فانضم إليها أبناء الجوف بكل فئاته وعياً منهم بالحقيقة، وشاركت محافظة الجوف مشاركة فعالة في ثورة فبراير، ورص أبناؤها الصفوف ورفضوا المساومة والتبعية لغير سلطان الله والحرية والكرامة، ووقف كل قبائل الجوف ومشايخها في وجه الإغراءات المادية التي حاول بها الحوثي وحلفاؤه وأعداء ثورة الربيع العربي، وداعموهم في الداخل والخارج أن يفتوا من عضد أبناء الجوف أو يوجدوا مرتزقة خائنين لدينهم ووطنهم، كما وجدوها في غير الجوف، لكن ابناء الجوف رفضوا الإغراءات ولو كانت بمئات الملايين ووقفوا صفا واحدا في وجه هذه الطائفية المقيتة، وظلوا ينازلون طائفة الحوثي وحلفائهم ويمنعون استقرارهم في محافظة الجوف ويرفضون بقاءهم، وتنادى إخوانهم من أبناء إقليم سبا للاقتداء بهم في منازلة الحوثي لينزلوا به الهزائم المتتالية انتصارا لثورة فبراير، فالجوف لم يعد ذلك القبيلي الذي تخدعه ثقافة العبودية التي روَّج لها الإماميون وقتلوا بسببها القاضي الزبيري ــ رحمه الله ــ فيا قبائل الجوف وشبابها رجالاً ونساء اثبتوا وانتصروا لثورتكم ولا يغرنكم تلك المئات من الملايين الذين باع المرتزقة في حاشد وعمران بها أنفسهم فهي لا تساوي كرامتكم وحريتكم والنصر لكم بإذن الله ولا عدوان إلا على الظالمين.
د. عبد الله بجاش الحميري
الجوف تنتصر لثورة فبراير 1560