يبدو أن التوجه العام لتغيير حكومة الوفاق اليوم بحكومة كفاءات وطنية ومستقلة ليس من مطالب القوى المعرقلة التي حاولت وتحاول اليوم أن تصطاد بالماء العكر, بل كان مطلباً لمختلف القوى السياسية ذات الأقلية في الحكومة لا سيما من باب الحرص والتمكين والسيطرة الحقيقية للدولة وإظهار لب الملفات الإيجابية حتى تثبت معاني ومحاسن اليمن الجديد, وخصوصاً بعد أن اختلفت الروايات وتعددت الطرق الملتوية والاحتيالات لمختلف القوى السياسية والقبلية والدينية بشكل عام وحزب المؤتمر الشعبي العام بشكل خاص كونه المسيطر والأكثر استحواذاً على المؤسسات الحيوية والوزارات.
فعلى هذا المنوال كان السباق المتوازي والمتساوي نحو الفشل الذريع لتلك القوى وعلى حساب الكلاع السياسي والحوار التشنجي والإعلام المزدري والنوايا الخبيثة والمبطنة, فأصبح كل طرف يحفر حفرة للأخر, ويعيق عمل الأخر ويرمي باللوم والتقصير على الطرف الأخر ولهذا دخلت البلاد في نفق شديد الظلمة ومفترق طرق كثير المسارات والاتجاهات, فالمؤتمر وحلفاؤه كان همهم الشاغل وغيضهم المتواصل من شخصية باسندوة فقط لا غير نظراً لمواقفه الوطنية مع الواقع ومع التغير المنشود, فحاولوا في كل الوسائل المتاحة وغير المتاحة أن يؤطروا ويحشدوا ويقفوا أمام كل ما هو إيجابي يخدم مصلحة الوطن والغرض الانتقاص والتشكيك وإفشال حكومة الوفاق, وبتعريج مغلوط وظالم وإلصاق كل السلبيات ومفاسد الكون والدولة والنظام القديم والجديد بحزب الإصلاح الذي ربما يكون منافساً تقليدياً وحظي بشعبية واسعة مؤخراً على أرض الواقع.
وهكذا تناست قيادة المؤتمر الشعبي العام أنها تسيطر على نصف الحكومة والأغلبية في مجلس النواب والشورى والمجالس المحلية والمحافظين وغير ذلك ومع ذلك طغت عليها معاني الأنانية والإقصائية ومحاربة وإعاقة عمل ونجاح الشريك الأخر حتى ولو كان له الحق وله الأولية أو على الأقل تنفيذاً واحتراماً لشروط المبادرة الخليجية, وربما على نفس المساحة كانت مواعيد اللقاء المشترك وشركائه للانتقاص والانقضاض على مشروع النظام السابق والمتمثل في قيادة المؤتمر وبالأخص الرئيس السابق وتكالب القوى والأحزاب التي كانت ترصد له الخروقات والانتهاكات والاعتداءات في العقود الماضية وخلال المرحلة الفاصلة إبان حكمه والذي مثل نقطة توازن حقيقية أجبرت ملفات اللقاء المشترك المبيتة والمؤرشفة والمنظورة والطازجة على عدم التمكن من فتحها وتسويقها فظلت تتوارى بإسقاط تقصيرها وعيبوها وفشل إداراتها في معظم الوزارات والإدارات في منظومة الحكومة الانتقالية على النظام السابق وعلى الرئيس السابق بدون أدلة وبدون حقائق ووقائع, وهكذا ربما تناسوا الجميع أنهم شركاء وأنهم معنيون ومتحملون للمسؤولية الكاملة ,وأن لديهم خارطة طريق ومبادرات ووثائق ومخرجات ومواثيق وتعهدات والتزامات ينبغي عليهم أن يطبقوها وينفذوها بحذافيرها بل ويعظوا عليها بالنواجذ, أتدرون لماذا؟ لأنها المخرج الوحيد التي تقيهم من المخاطر ومن المقالب ومن المنحدرات والمنقلبات, كما هي تعتبر النور الساطع والعلاج الشافي والكافي لكل المكونات والجماعات ولكل الأحزاب والكيانات بدون استثناء.
فاليوم يبدو أن الأمور والأوضاع باتت واضحةً وجلية من خلال الخطوط والأنجم والألوان والتي ربما قد صدح بريقها وانكشف جدارها وستارها ولاح نفثها وفاح ريحها وقد تبين الخيط الأسود من الخيط الأبيض من اليمن, فمشروع الانفصال والانقسام ومخطط استعادة النظام الملكي ومشروع دولة الفكر والإرهاب ومشروع التقزم والصوملة والطائفية والعنصرية ربما قد لاحت في الأفق وربما قد تكون واقفة على الأبواب فقط تنتظر الوقت المناسب لتقتص لنفسها ولمتاعبها ولغيضها ولحقدها ولمشروعها ولخسائر حروبها الخمسة والسبعة والعشرة والعشرين لا سيما من رموز النظام السابق في شمال الوطن وفي جنوبه ونظام صالح وحزب المؤتمر خصوصاً ومن ثم رموز النظام الحالي ومن مشروع التغير ومن نظام هادي على وجه الخصوص, فلا أحد احسن من حد.. مهما حاول البعض أن يتخلى عن شرف الوطن وسيادة اليمن ونظامه الجمهوري والوحدوي والاتحادي في محاولة لدعم تلك المكونات والجماعات بالمال ولسلاح أو بالتغاضي والتخاذل والتقاعس والتنصل لمحاولة كسب ودهم ورضاهم, فالمشاريع بانت واضحة والمخططات باتت يانعةً وحان قطافها, والمطالب والتعرجات والمشانق وتقبيل الركب ونزع الرتب صارت جاهزة , فهل يا ترى سوف تدرك معارفي ومقاصدي قيادة المؤتمر وحلفاؤه وقيادة المشترك وشركاؤه؟, أم أنها سوف تنتظر حتى يتم قطع الشك باليقين ويقضى عليهم جميعاً؟. فالطائفية والإرهاب من أمامكم والانفصال والتشظي من خلفكم.. والانقلاب وإقصاءكم من حكومة هادي الجديدة عن يمينكم وعن شمالكم, طبعاً هذا سيناريو قد ربما يكون مخطط له على أن يتم استخدام مثل تلك السناريوهات وبتخطيط ودعم من الدول الشقيقة لخطف الحكم والقيادة من طرفي النزاع وتسليمه الرئيس هادي ووزير دفاعه حتى تتم عملية الانقلاب الأبيض بسلام.
فالفرصة لا تزال سانحة للقوى السياسية أن تعيد النظر في النوايا, فالعزيمة شامخة والعزة والدين والرسالة والحكمة اليمنية على يقين ساطعةً ومنتصرة, فقط عمقوا وحدتكم وقوتكم وحبكم للدين وللوطن ولليمن, حتى يتسنى لكم أن تفلحوا وحتى لا تنازعوا وتفشلوا وتذهب ريحكم.. والله المستعان..
د.فيصل الإدريسي
تنازعتم فذهب ريحكم!! 1239