أحيانا أسأل نفسي: هل هناك جدوى حقيقية من الاستمرار في الكتابة والتحليل السياسي وتقديم التحقيقات والتقارير؟ هل هناك فائدة من طرح المعلومات الدقيقة غير الملونة بالأهواء السياسية، وتقديم كافة الأفكار الموضوعية وترك الاختيار النهائي للقارئ ؟ هل هناك أي تأثير لمحاولة تقديم النصح والتحذير من مخاطر بعض القرارات أو الأهواء التي يتخذها الرئيس أو حكومته أو وزراؤه؟.
أحيانا يرى الإنسان منا الخطر داهما، والعاصفة مقبلة، والطوفان ينحدر من أعلى قمة الجبل، والنيران تكاد تلتهم الوطن، فيسعى بكل ما أوتي من قوة أن ينبه ويدق ناقوس الخطر لما قد يحدث، ولكن - وللأسف الشديد - لا أحد يسمع ولا أحد يستجيب، بل أحيانا يتم تفسير ما نقوله على أنه خدمة «لأفكار ومصالح مضادة» لمصلحة البلاد!
ليست وظيفة الكاتب أو السياسي أو الإعلامي أن يقول «آمين» مصدقا، موافقا على أي شيء وكل شيء.
إن الكاتب أو السياسي أو الإعلامي هو شمعة تنير للغير الطريق وتهديه إلى سواء السبيل تحت رأى حر ليس له هدف إلا الصالح العام .
حيث سيأتي ذلك اليوم لا محالة الذي سيقف فيه الإنسان منا أمام مالك الملك في لحظة الحساب التي لا فكاك منها، وسوف يُسأل عما فعله في ماله وعلمه وولده، وسوف يُسأل عما قدمت يداه طوال حياته.
وحينما يعود الإنسان منا إلى أكبر الكوارث التي واجهت اليمن سوف يكتشف أنها لم تأتِ فجأة أو دون تحذير من أصوات صادقة لم ينتبه إليها أحد.
ألم يتم تحذير الرئيس المخلوع صالح من الدخول في وحل حرب 94الضالمة التي أتى بها من اجل إخضاع وأنهاك بل لتنهار وتفكيك السياج المتماسك حينها في الجنوب ليكن فقط جبار عنيد على أهلانا هناك وألم يتم تنبيه الشعب اليمني من معلومات تآمر صالح مع الحوثيين في حروب صعدة من أولها إلى نهايتها وها هو اليوم يتضح ذاك نهارا جهارا حيث انتقل الزنابيل من عباءة الزعيم إلى خدر السيد .
ألم توجه عشرات النداءات والمبادرات للحوثي بتسليم السلاح والدخول في سياق سياسي أو تشكيل حزب جديد يضمهم بدلا عن انفصام شخصياتهم مثل ما هم عليه اليوم .والابتعاد عن القرارات التعنتية بحق الشعب اليمني من حروب على الضعفاء وبيوتهم وقرارات اكتساح المدن والمحافظات والتلويح بالعنجهية والعرض فقط بقوة السلاح الزائلة لا محالة لنتحاشى تدمير ما بنيناه منذ ثورة الشباب من توافق.
واليوم نصرخ ليل نهار للرئيس وحكومته ووزرائه بالتصدي أو إيقاف(( الحوثي المؤتمري)) قبل أن تسقط العاصمة بيد الشيعة المتلبسين بغطاء وطني زائف وما كر عليم أو متعلم كما أن الكثير نادى بأعلى صوته محذراً الرئيس ووزير الدفاع الخائن للوطن من ليلة قادمة سوداء مظلمة في عمران وذلك كان في أذن المتساهل هادي كما نصرخ اليوم في أذن هادي بإيقاف عجلة المجازر القادمة والبحث عن مخرج سياسي للبلاد وللعباد، وله هو شخصيا، ليقلل من فاتورة تدمير اليمن بأكمله؟ ورغم ذلك يصر هادي ووزير دفاعه على هدم المعبد على رؤوس الجميع مهما كانت الكلفة ومهما كانت تداعيات استمراره في الحكم كما هدمه في عمران ليدعي اليوم أن الوضع أربكه عن مطلب خروج الجماعة من عمران وتسليم السلاح.
ولكن هادي يرى أن الحوثيين دجاجة تبيض ذهبا فأستثمرها مادامت ستطيل أو تثبط تمسكه بالحكم إلى وقت طويل فرباها ودللها (وأحقاها )حبوب الذرة الدسمة وأطعمها وأدفئاها لتتربى في عزه.
ألا يحق اليوم التوجه بالصوت والصراخ غربا اعني نحو مناداة الحقوقيين والمحامين والصحفيين والإعلاميين إلى الاستعداد والتوثيق لرفع دعاوى قضائية بكل المحاكم المحلية والدولية لمحاكمة هادي ووزير دفاعه عن هذا التساهل الذي أدى وسيؤدي إلى إراقة الدماء وهدم اليمن وقتل الجيش بطرق مختلفة كما ندعو إلى محاكمة رئيس جهاز الأمن القومي والسياسي و ندع إلى محاكمة الحكومة أو المتساهلين منهم بحق جرائم الحوثي بحق اليمنيين أم أن الآذان ستصاب بالصمم أيضا ونضل ننتظر للجديد من الأحداث ملصقين أيادينا على صوابرنا حزنا وخوفا.
لا أعرف إلى متى يضع حكامنا أصابعهم في آذانهم ولا يفقهون القول، ويسمعون النصح ولا يتبعونه..
محمد حفيظ
لا أحد يسمع!! 1083