يبدو أن الوطن مازال يدوخ في دوامات لا نهائية, تحركها أصابع عدة.. يقذفون بالجموع في عمق هذه الدوامات, ذاهبين بهم وباليمن إلى مهالك شتى..
غير مستغرب فعلهم؛ هذا فكل محرك له مشروعه الخاص وأهدافه المعلنة والخفية وتحالفاته الداخلية والخارجية ومصالحه المتشابكة مع هذا وذاك..
أن يستخف العوام للركض في خضم هذه المتاهات أمر معقول وغير مستهجن أو مستغرب؛ لكن أن ينجر بعض العقلاء وراء كل دعوة, مغيبين منطق العقل والحكمة, متجاهلين دروس الأمس القريب فهذه القاضية قاصمة ظهر الوطن!.
خرجت جموع غفيرة مع الحوثي لا يمكنا تجاهلها, ولكن أن نقول بأنهم أنصار الحوثي فهذه مغالطة ظاهرة, فإن صدقت فهي تتضمن قوة شوكته وتنامي مساحة تأثيره في الشارع اليمني!.
وخرجت جموع مضادة تعلن اصطفافها ضد الحوثي تحت شعار" الاصطفاف الوطني" ولن ينكر أحد أنه اصطفاف ضد دعوة الحوثي فحسب؛ لأنه إنْ لم يكن كذلك فاصطفاف بمقابل من؟!..
يضربون الشعب بعضه ببعض لأجل ماذا؟!.
الذين خرجوا في مسيرات الاصطفاف الوطني بعثوا برسالة مفادها: نحن مع الحكومة الفاشلة, مع الجرعة الظالمة؛ وإن حسبوا أنهم خرجوا ضد هذا أو وذاك.. والحوثي دعوته وراءها ما وراءها..
لست بمعرض مناقشة نوايا أحد ولكن المواقف الظاهرة هي ما يمكنا مناقشتها.. ولن أسهب في ذلك وأتوه وسط هذه الدوامات لأن ما يهم هو تفاقم الموقف وتصاعد الأحداث والذي ربما أربك الكثيرين وحتى من الحكماء.
نسوا في خضم تداعيهم للوقوف ضد بعضهم البعض؛ أن الهدف هو إصلاح أحوال الناس وأوضاع البلد, نسوا بأن الجرعة الظالمة هي من فجّر الموقف, نسوا بأن للشعب مطالب عادلة ليس لأحد تجاهلها وتلبيس الموقف بألبسة مغايرة للتعمية والتستر على لب القضية..
الذين خرجوا مع الحوثي, والذين خرجوا للاصطفاف مع الحكومة الفاشلة ليسوا كل اليمانيين.. الشعب اليمني الحكيم مازال صامتاً ومازال يعرف ماذا يريد على وجه الدقة!.
الجرعة مهما كانت مبرراتها منطقية, فالشعب غير واثق بالحكومة التي ستدير عوائد رفع الدعم, إنها ذات الحكومة القديمة المجربة من قبل ومن بعد, هي ذاتها من أفلس بالدولة وأفرغ خزينتها, هي ذاتها مظلة الفساد الجاثم على صدر الوطن, الناهش بطنه منذ دهر.. أين ستصب فوارق رفع الدعم؟؛ ستصب في أيديهم ..
إذا كان ولابد من بقاء قرار رفع الدع ؛ فلتأتي حكومة أخرى يثق بها الشعب لتدير هذه البلاد وتخرج بها من مأزق صنعتها حكومة الوفاق الهشة الفاشلة..
عدم التدرج في رفع الدعم عن المشتقات النفطية وبقاء هذا القرار كما هو, حجراً كبيراً سقط على رؤوس الشعب, أمر فوق طاقة احتمال الناس خاصة مع ثقل بقاء الحكومة الفاشلة..
وأقل تدبير يمكنه أن يحل الأزمة ويرضي الشعب هو تغيير الحكومة تغييراً جذرياً والإتيان بحكومة يثق بها هذا الشعب الحكيم الصابر, أما سقوط حجرين كبيرين على الرؤوس, فأمر مفجع موجع!..
نبيلة الوليدي
يا هادي..ضربتان على الرأس توجع!! 1291