ظاهرة الإتجار بالبشر من الجرائم التي يهتز لها الوجدان الإنساني حيث يتحول الإنسان فيها إلى مجرد شيء مادي يقوم المتاجرون بتسخيره في أمور لا يريدها ولا يرغب القيام بها غصباً عنه بحيث يشبه الأمر إلى حد كبير عملية الرق والاستعباد في العصور السحيقة.
والمتاجرون بالبشر أشخاص تجردوا من كل القيم والضمير الإنساني الحي وغدت المادة همهم بغض النظر عن شناعة اكتسابها ولو على حساب الأخوة في الإنسانية.
والقانون الدولي الإنساني يدين هذه الظاهرة ويحث الدول الموقعة على الاتفاقيات في مجال الهجرة بإنزال أقصى العقوبات على المتاجرين بالبشر بل انه في سبيل ذلك توجد منظمات دولية تعمل في مجال الهجرة هدفها إغاثة المهاجرين عند وصولهم إلى بلد المهجر ومراقبة الجانب الإنساني لهذه الدول عن الكيفية التي يجب التعامل بها مع هؤلاء المهاجرين عند حجزهم باعتبارهم مهاجرين غير شرعيين, إضافة إلى المساعدة في إعادتهم إلى بلدانهم مع مراقبة الجانب الإنساني في مجال العقاب الذي تطبقه الدول بين المهربين والمتاجرين بالبشر.
ولقد بليت بلادنا بظاهرة التهريب للبشر من القرن الإفريقي والذين يهربون من المجاعة ويأملون بوصولهم إلى بلدان الجوار من اجل العمل وهؤلاء المهاجرون على صنفين؛ احدهم يدخلوا البلاد عبر التنسيق لهم عبر وكلاء في بلدانهم لديهم علاقة واتصال بالمهربين في البلاد وتكون لديهم حوالات عبارة عن مبالغ مالية كإيجار للمهربين من اجل إيصالهم إلى وجهتهم.
أما الصنف الآخر الذي يخرجه هائماً من الجوع والفقر دون تنسيق مع وكلاء ومهربين, فيلتقطه المهربون هنا وينزلون به من العقاب ما تقشعر له الأبدان حتى يعمل على التواصل مع أهله في بلدة من اجل إرسال حوالة وإيجار لهؤلاء المهربين من اجل نقلة وغالبية المهاجرين من القرن الأفريقي من هذا النوع فيتلقفهم المهربون والذين عملوا على التشويه بالبلاد باحترافهم هذه المهنة الغير أخلاقية, بل أن الأمر وصل بهم إلى الوحشية والسادية في التعامل مع هؤلاء البشر ولقد خجلت كثيراً وخجل معي الكثير من أصحاب الضمائر والأخلاق، جراء ما تناولته الصحف في شهر رمضان المبارك من قيام جهات أمنية وحدودية في البلاد من تسليم هؤلاء المهاجرين إلى المهربين مقابل مبالغ مالية بالعملة الأجنبية ورغم كثرة النشر لهذا الموضوع وفي أكثر من صحيفة ومقال صحفي إلا أن الجهات الحكومية المختصة لن تحرك ساكناً تجاه السلوك المشني لهذه الجهات الأمنية إنْ كان صحيحاً وصادقاً ما وجه إليها من تهم في بيع هؤلاء المهاجرين على المهربين والغريب, بل اللافت أن المنظمات الإنسانية العاملة في مجال الهجرة لم تحرك هي الأخرى ساكناً من حيث التواصل واللقاء بالجهات الحكومية العليا للتأكد من صحة ما تم نُشر في هذا الجانب، وفي الوقت كان الجميع ينتظر الفصل في هذا الموضوع من قبل الجهات لحكومية ولكن تفاجأ الجميع بقيام الجهات الحكومية الأمنية والتي تعمل على ضبط المهربين والذين يوصّلون هؤلاء المهاجرين إلى البلد بإطلاق سراحهم الفوري دون أن يتم إحالتهم إلى النيابة العامة، في الوقت الذي توكد فيه جهات أمنية أخرى بالعمل على استصدار أوامر من النيابة العامة بحجزهم والتحقيق معهم وإحالة ملفاتهم إلى النيابة العامة لكن كل ما في الأمر أن هؤلاء المهربين يعملون على دفع فدية للجهات الأمنية والعسكرية التي تعمل على ضبطهم مقابل إطلاق سراحهم والتنازل على القارب الذي أقلّ هؤلاء المهاجرين لصالح هذه المصلحة والجهة الأمنية.
مما يجعل هذه الجهات الأمنية مساعدة وداعمة للتجارة بالبشر طالما وسلكت هذا المسلك وليس الأمر هنا يتوقف على انتهاك القانون بما فيه الإنساني والدولي بل مربط الفرس يكمن في الخزي والعار الذي يجلبه على البلد والشعب باحتراف هذه المهنة من قبل المهربين ومما زاد الطين بلة أن الجهات الأمنية لن تعير هذا الأمر أي اعتبار, فالجانب المادي من الفدية من المهربين والاستحواذ على قارب التهريب جعلها تنسى مكانتها وهيبتها كجهة حكومية وتنسى الخزي والعار الذي تجلبه بسلوكها هذا على البلد والشعب اليمني العظيم بتاريخه وأصالته.
المحامي/ عبد الله محمد الوحشي
الإتجار بالبشر جريمة ضد الإنسانية 1066