اليمنيون يحتشدون في الانتخابات والثورات و المسيرات والاحتجاجات المختلفة ويحتشدون في الحوار الوطني والاصطفاف الوطني وفي انتهاج رؤى ومواقف مختلفة ، بل ويحتشدون في الاحتراب البيني وصنع المشكلات المختلفة ، لكن احتشاد الحوثي لتحقيق مشروعه التوسعي لمصادرة المحافظات بدء من صعدة وعمران وانتهاء بمحاولاته في الجوف وصنعاء وغيرهما هو احتشاد مختلف تماما، إنه احتشاد خراب وانقلاب ، هذا الاحتشاد الحوثي صار ورقة رابحة لعدد من الأطراف المتصارعة في اليمن والمتربصة خارج اليمن لتحقيق المصالح المختلفة ، لقد صار الحوثي يُسانَدُ من الرئيس السابق لينتقم به من قوى الثورة التي ثارت ضده وعلى الخصوص آل الأحمر ، كما صارت الجارة مستفيدة أحيانا من ورقة الحوثي في التنسيق معه في تأمين حدودها بعد أن رأت قوته وضعف المشيخات التي كانت تعتمد عليها سابقا لكنها في المقابل متوجسة منه لارتباطه بعدوتها التقليدية إيران ، كما أن الجارة و بعض القوى الليبرالية والقومية وبعض اليساريين وأنظمة أخرى تعادي الإسلاميين صارت تشجع الحوثية كفكرة دينية للقضاء على الإسلاميين في اليمن ، كما أن المجتمع الغربي صار يستفيد كثيرا من الحوثية لكبح جماح الإسلاميين في اليمن ، ومن اللافت أن الرئيس هادي استفاد كثيرا من قوة الحوثي لضرب مكامن قوة القبيلة والجيش والحزبية كي يأمن شرها على مستقبله في الرئاسة ولوحظ صمت الرئيس هادي طيلة الفترة الماضية رغم كل ما قامت به جماعة الحوثي من أعمال ضد الدولة وخروجها وتمردها على مخرجات الحوار الوطني، لكن احتشاد الحوثي مؤخرا بعذر رفض الجرعة وتغيير الفاسدين وإقالة الحكومة واحتشاده صوب صنعاء ومحاصرتها و تسيير مسيرات كبيرة وإقامة مخيمات جعل البعض يفسره بأنه انقلاب على النظام الجمهوري..! وبدا الرئيس هادي فزعا وخائفا يترقب وصار يحشد الأحزاب والقوى الوطنية ويجتمع باللجنة الأمنية العليا والحكومة ويتواصل مع الدول العشر التي وجهت رسالة للحوثي بعد خطابه مؤخرا ، لقد شعر الرئيس بخطر الحوثية مؤخرا ولم يستخدم إمكانات الدولة لصد الجماعة المتمردة بل شكل لهم لجنة وساطة كما يفعل باستمرار، إنني هنا لا أحبذ أن يحشد الرئيس مواقف الدول العشر ولا دول الإقليم بل يجب عليه أن يقوم بواجباته إزاء الخطر المحدق بالعاصمة وأن يحمي الوطن من كل خطر، لابد من أن يتحرك الرئيس فعلا لا قولاً وإنهاء مهزلة جماعة متمردة تستقوي على الجيش في ظل الصمت والتخاذل والخيانة، ولعل الرئيس هادي رأى جموع الناس وهي تحتشد في تعز وإب والحديدة والبيضاء وصنعاء كحشود وطنية تغييرية مع الاصطفاف الوطني وحماية للنظام الجمهوري ورفضا لمنطق الاستقواء بقوة السلاح والترويج للطائفية المقيتة ، يا سيادة الرئيس لا يجب أن تُخذل تلك الحشود الوطنية الثائرة وكل أحرار اليمن خوفا من حشود الخراب الحوثية..!! واليمن اليوم في وضع صعب لا يستدعي مزيدا من هدر الوقت حتى لا نندم في قادم الأيام فالشعب انتخبك يا سيادة الرئيس لتكون رئيسا شجاعا وسيقف الشعب معك بكل ما يملك فلا تخذله بسياسة التوازنات غير المنضبطة ولا بتصديق الأجندات المضرة.
ومضة:
أنتِ يا أرضَ السماحات التي
أنفقت أرواحنا بذلاً وجودا
ان رجفنا الساحات بنضالاتنا
أو عكفنا في المحاريب سجودا
لن يضيع الفجر من آفاقنا
فيكِ لن نرجع للّيل عبيدا
نحن أتباعُ ضلال وهدى..
ان أتى رشدٌ رآنا رشَدا
أو أتى غيٌّ مضى فينا سدى
ما لوى زنداً ولا شلّ يدا
مات في أنفسنا معنى الضياع
وانتفت من بيننا روح الصراع
وتساوى قَدْرُنَا في الارتفاع
لم نعد صنفي صمتٍ أو رعاع
أو رعايا سُخّرت للانتفاع...!!
الشاعر/عبد الله عبد الوهاب نعمان
غالب السميعي
حشود وطنية و حشود انقلابية!! 1259