شهدت مدينة سيئون خلال الأيام القليلة الماضية تدفق مجاميع عسكرية من مختلف التخصصات وكأنها منطقة "خط تماس مع عدو"، ولعل الهدف الذي عرفه الحضارمة هو محاربة الإرهابيين وتحقيق الأمن والاستقرار لأبناء وادي حضرموت عامة ومدينة سيئون خاصة، الذي ربما لم تحققه لهم الوحدات العسكرية السابقة مع أن الجميع تحت راية قيادة منطقة واحدة ودولة واحدة أيضاً!! ، ولو أن هذه الوحدات جاءت متأخرة، ولكن أن تأتي متأخرة خير من أن لا تأتي، وبالفعل نجحت هذه القوات في التصدي للقوات الإرهابية وتكبيدها الخسائر تلو الخسائر، الأمر الذي افرح القيادة السياسية والسلطات المحلية بالمحافظة وجعلها تحيي وتهني قيادة المنطقة الأولى الجديدة والوحدات المشاركة على هذه الانتصارات التي حققتها وفقاً والخارطة العسكرية الجديدة بالمنطقة ، وأبناء وادي حضرموت بلا شك استنكروا - بوازع الدين- قتل الجنود الأبرياء بمنطقة الحوطة بطريقة وحشية شنعاء يندى لها الجبين وتقشعر منها الأبدان، ولا يقبلها العقل الإنساني، ولم تشهد حضرموت مثل هذه الجرائم البشعة مدى تاريخها، عدا ما فعله الاشتراكيون من سحل بداية السبعينيات في نفس المنطقة وفي نفس الساحة أيضا!! - سبحان الله - .. فعلوها الاشتراكيون بالأمس تطبيقاً لنضالهم الثوري ولترسيخ نهجهم استجابة لنظام الاشتراكية العلمية!!، وفعلها الإرهابيون اليوم للأسف باسم الدين..
كما يستنكر أبناء حضرموت أيضاً قتل المواطنين الأبرياء بالطائرات الأمريكية، بذريعة قتل الإرهابيين، وكذا قتل المواطنين السلميين برصاص عساكر الدولة لأتفه الأسباب بحجة الحفاظ على الأمن وعدم الانصياع لتوجيهات العساكر، وأي أمن هذا أغلى من دم المواطن؟!، الم يكن أمن المواطن جزءاً لا يتجزأ من أمن الوطن "أم أن أمن الدولة أهم ؟!" وأين الطائرات الأمريكية من هذه الأفعال الإرهابية؟.
وهناك أسئلة تُطرح على قيادة المنطقة الأولى: هل سيتعامل هؤلاء الجنود الجدد مع المواطنين بشكل طيب ووفقاً وثقافتهم مفرّقين بين المواطن والعدو المستهدف؟.. وهل سُيستفاد من الكوادر العسكرية المحلية للمساعدة في هذا الأمر لاسيما في النقاط، وللتعرف على ظروف المنطقة وطباع أهلها؟، أو أنهم سيكونون كسابقيهم، الذين يصبون جام غضبهم على المواطن ويستفزونه، ويستعرضون بالعربات المصفحة حتى داخل شوارع المدن وداخل المستشفيات ويطلقون النار لأتفه الأسباب، وكأن المواطن هو المنكل بهم، بالمقابل لا يستطيعون كشف وردع المتسببين في زعزعة الأمن..
وادي حضرموت جغرافياً ليس أرضاً صحراوية مفتوحة، إنه واد من السهل السيطرة عليه ويقع بين جبلين شبه متوازيين ومنافذه محصورة ومعروفة!!. أين الاستخبارات العسكرية السرية المحنكة؟!.. أين الحس الأمني وتوقعات الأخطار قبل حدوثها.. أين دور سلاح الإشارة الذي به تتواصل الوحدات والنقاط العسكرية فيما بينها في دقائق بشفرة سرية؟.. أين المراقبة السرية والكمائن حتى تُكتشف تحركات العدو؟!. أين السيطرة العسكرية على المنطقة الواقعة تحت نطاق المنطقة يا قيادة المنطقة؟!. أين اليقظة المستمرة حتى أثناء "نشوة الساعات السليمانية" التي دائماً ما يستغلها المهاجمون.
لا داعي لإطلاق الرصاص العشوائي للتعبير عن الفرحة لأن الحرب مع الإرهاب لم تنته بعد، وما هذا الهدوء، إلاّ راحة مقاتلين!. هل سنرى ضبطاً وربطاً عسكرياً لمختلف الوحدات والنقاط العسكرية الموجودة بالمنطقة، والسير على أوامر القيادة الواحدة بالمنطقة؟، وكذا اخذ الحيطة والحذر وتوقع أي شيء من العدو وفي أي وقت حتى ونحن بطريقنا متلهفين لشراء القات أو داخل سوقه. هل توجد نوايا صادقة لمكافحة الإرهاب بشكل مستدام.. وهل توجد قوات خاصة متأهبة مدى الساعة، مسلحة بالعتاد والتدريب المناسب، ولديها الجاهزية بالسلاح والتكتيك المناسب للتعامل مع الإرهابيين والتحرك بسرعة البرق عند الضرورة لأن عدو عن عدو يختلف!!، ولأنه كما يشاع بأنه تم إشعار الجهات ذات العلاقة بعملية خطف الجنود من الحافلة في لحظتها، ولكنها لم تتحرك في الوقت المناسب ولما يقتضيه الموقف، ولعل هذا يذكرنا عندما دخل الإرهابيون مدينة سيئون بسياراتهم وعتادهم ليلة 23 /5/2014م وفجروا وفعلوا فعلتهم لعدة ساعات، ثم انسحبوا بسياراتهم بأمان وسلام !!.. وهذه السلبية المخزية تكلم عنها الكثير من النقاد والسياسيين ووصفوها (بالخطأ الأخطر!!) وإذا لم يتغير هذا الفكر لدى العساكر.. ستبقى الأجهزة الأمنية مغيبة فلن تستطيع ولم تستطع مواجهة الإرهاب. كما أن الناس تتساءل باستغراب حين يتم تحويل المقبوض عليهم إلى خارج حضرموت عندها تذهب قضيتهم كالسابقين!!، كما أنه لا يحق للعسكريين الحربيين غير المتخصصين التعامل مع المتهمين أو الأسرى في عملية التحقيق. هل ستُعطى أيضاً مرافق الدولة المُستهدفة بمدن الوادي ومناطقه ما تستحقه من حراسات بشكل مستدام لاسيما ومثل هذا الهجوم متوقع في أي وقت وبأي منطقة أم ستكون هذه الحراسات بعد الاستهداف؟. تعلمون جيداً ومنذ زمن أن هناك بلاطجة مخربين سعوا بحضرموت الفساد.. مخلين بالأمن العام.. متطاولين على القوانين المنظمة لحياة الناس، ويعتدون على الممتلكات الخاصة والعامة المتعلقة بتموين المواطن أمام مرأى من الناس، بل وأقاموا النقاط العشوائية لأهداف تعلمونها أنتم قبل المواطن!!، وكأن هيبة الدولة كرة يلعبون بها !!، ورغم أن هؤلاء العابثين يشار إليهم بالبنان، إلاّ أن السلطات المحلية بالوادي والمحافظة للأسف متلكئة ولا تحرك ساكناً وكأنها أوامر عليا !!. واليوم أفرحتم الناس عندما فرضتم هيبة الدولة، وأبعدتم تلك النقاط وردعتم الذين سطوا على حق الناس، ولكن المواطن يتساءل.. هل ستستمر هذه الحملات أم ستكون مرحلية؟!، والأهم أيضاً هو أن تساعدوا السلطات التنفيذية على تنفيذ الأحكام لتفرضوا حقاً هيبة الدولة.
يلفت أيضاً المواطن انتباه هذه القيادة في مسالة إطلاق الرصاص العشوائي بالهواء لأتفه الأسباب كونها ظاهرة غير حضارية وتؤثر على سكينة المواطن لاسيما داخل المدن، حتى أنه أصبح لا يفرق بين رصاص الفرح ورصاص العساكر، لأن الأمر ليس تعبيراً عن فرح، فإطلاق رصاص الدولة له ضوابطه وآدابه، وله هيبته، وبهذه الطريقة ستذهب هذه الهيبة، أما المهاجمون الإرهابيون فلا تخيفهم مثل هذه الرصاصات العشوائية لأنهم يفهمون عن العساكر وتحركاتهم أكثر مما يفهمه العساكر عنهم، كون لديهم القدرة على اختراق أي شيء!!، والأفضل العمل بهدوء وسرية تامة لاستدراج العدو ليقع بالفخ بدلاً من إطلاق الرصاص العشوائي المزاجي وهذه الزوبعة!! . كما أن مخاطبة المواطن بلغة الرصاص أمر مرفوض، بل وترفضه كل الأعراف العسكرية في كل مكان.. ولكننا ناسف لعدم احترام دم المواطن الغالي وكم من أناس راحوا ضحية هذه العشوائية والتصرف الهمجي أللاّ مسئول، كما أنه من الحماقة والهمجية أيضاً أن يطلق على المواطن رصاص الأسلحة المتوسطة وكأنه هدفاً حربياً، وسأذكر بعض هؤلاء الضحايا للتذكير لا للحصر منهم قبل أكثر من أسبوع الشاب محمد الزبيدي وقبله بأشهر الشاب يحيى التاربي اللذين قتلا بسيئون برصاص عساكر الدولة بدم بارد، وقبل يومين قتل رجل بإحدى النقاط بحجة عدم تسليمه سلاحه.. السؤال الأهم: من خلق ثقافة حمل السلاح؟.. ومن أهمل متابعة تطبيق قانون حمل السلاح بالمدن؟.. حتى الأطفال يحملون السلاح ومن هب ودب!!.. أليس الأحرى بقيادة المنطقة أن تعلن رسمياً وعبر إذاعة سيئون بمنع حمل السلاح غير المرخص مثلاً.. فرضاً أن ذلك الرجل رفض تسليم سلاحه، هل يجازى بالقتل؟!.. أليس من باب التأدب مع المواطن التعامل بالعقل وأن يوقف ذلك المواطن ويتم التفاهم معه أم أنه كل من عاندكم فهو إرهابي.. هل نحن داخل مصر أم بأرض الإيمان والحكمة؟!.. وهل التصرف بحكمة موضة قديمة عفا عنها الزمن؟! ولنفترض أيضاً أن هؤلاء (الشباب الطائشين) رفضوا توجيهات العسكر وعاندوهم، ومع كل هذا لا يجوز منطقاً وعقلاً وعرفاً إطلاق الرصاص عليهم مباشرة، فهناك بدائل أولية للتعامل مع المواطن.. إطلاق الرصاص في الهواء.. وإذا لم يستجب فبالإمكان إطلاق الرصاص على إطار السيارة، لان الهدف إيقافه أو القبض عليه إذا كان مطلوبا لا قتله، وإذا كان هناك اضطرار إلى إطلاق الرصاص تصويباً فليكن التصويب إلى أسفل الجسم.. المهم أن يكون هناك حذر بقدر الإمكان من قتل المواطن، وليس لأتفه الأسباب يُقتل المواطن.. هكذا نرى تعامل العساكر مع مواطنهم في كل مكان حتى ولو هجموا بالحجارة، إلاّ إذا كان هناك ثقافة عسكرية مغايرة فهذا أمر آخر!! لأن العسكري جيء به لهدفين ساميين: حماية الوطن وبسط الأمن والأمان وحماية المواطن والأخير جزءٌ لا يتجزأ من الأول أليس كذلك؟!، وهل سيتعامل هؤلاء العساكر بطريقة القتل هذه خارج حضرموت.. الجواب يعرفه الصغير قبل الكبير!! . لا وألف لا.. لقتل المواطن السلمي عنوةً حتى تحافظوا على ما تبقى من روابط وطنية بينكم وبين الشعب المسالم إن أردتم ذلك!!، وفي هذا السياق خاطب بيان قبيلة آل كثير الذي صدر مؤخراً قيادة المنطقة الأولى: بان لا تخطيء حتى لا تفقد تعاطف وتعاون والتفاف الناس حولهم" فهل ستكون هذه القيادة عند حسن الظن، أم أن لسان الحال يقول "تعددت الوجوه والثقافة واحدة"..
هذا كل ما يأمله المواطن بوادي حضرموت وسيئون خاصة من القيادة العسكرية الجديدة.. في ظل هذه المرحلة الجديدة أيضاً!!، وأن تحقق له ما لم تحققه القيادة السابقة التي لم تعط ما أعطي للأخيرة، وضرورة الاستفادة أيضاً من أخطاء الماضي..
وفق الله كل من سعى لإحلال الأمن بحضرموت.. حضرموت الخير والسكينة والأمان ..
سعيد بن زيلع
المواطن ليس هدفاً إرهابيا!! 957