إنها " المؤسسة الوطنية لمكافحة السرطان" بداية ممزوجة بتناهيد تبرئ الجسد وتقطع القلوب بداية تتربع فيها الأحزان والآلام بداية ..عنوانها .. وسطورها ..كلماتها ..وحروفها ..كلها.. مواجع وأحزان

بدأت كلماتي تتدفق وتتناثر الحروف ..وبدأت مشاعري تثور كحمم البراكين ..عندما أحببت أن أتناول موضوع أحبابنا، وآبائنا، وأبنائنا، وأمهاتنا وإخواننا، وأطفالنا، المصابين بمرض السرطان..

هرعت أكتب وقلمي رفض الكتابة وتجمد حبره وأعلن عصيانه حينها انحبست أنفاسي.. استسلمت لليأس وشعرت بالإحباط لم أرى سوى الدمع بديلاً لك يا قلمي.

من خلجات قلبي أخرج هذه الكلمات ..ومن صرخة طفل استلهمها .. ومن دموع أمٍ أكتبها .. وفي هذه الصحيفة القيها وأصرخ بها .. أتيت إليكم من تلك الكتيبة الفدائية أتحدث باسمها هي " المؤسسة الوطنية لمكافحة السرطان " الأم البارةُ والحنونةُ بمرضاها ..

أتيت وفي طيات كلماتي وحروفي أنات وآهات وفي عباراتي ومفرداتي دويً ونداء .. فأنا واحداً من هذا العالم الفسيح لملمت أحرفي الكئيبة الحزينة , وبكلماتي احتضنت أحبائي مرضى السرطان .. وعبر هذه الصحيفة ارسل تنهداتي حسرةً على أولئك المرضى ... واشدو بموال صوتي ترتيلات قهراتي وحسراتي..

عندما أتحدث عن السرطان تلجمني كلماتي بلجام الصمت , وتدثرني بطراحة اليأس والأنين .. وتلبسني كساء الحياء.. وتلف بذاكرتي إلى الوراء .. إلى هناك حيث كان مكتبي في هذه المؤسسة .. أتذكر الحاضرين والمغادرين من المرضى , أولئك الذين أصبح الحزن رفيقهم والمتاعب مأواهم وسكنهم .. وذاك الداء الفتاك خصمنا وخصمهم..

أقليل؟ أن يخرج الإنسان من بيته وهو يهزُ يديه كلتيهما ويمشي على الأرض بخطوات ثابتة ويملأ صدره بالهواء في أنفاس رتيبة عميقة ويمد بصره إلى آفاق الكون فتنفتح عيناه على الأشعة المناسبة وتلتقط أذناه ما يموج به العالم من حراك الحياة والأحياء..؟؟

ها ..ذا ...أنا بأحرفي أحدثكم وقلبي المسكين يجهش بالبكاء , اسمعه ينادي ويعاتب ويسأل السرطان ويقول :

أيها السرطان: لقد حرمت الأم وسلبتها طفلها الذي هو تلده كبدها ..أما اكتفيت ..؟

أيها القاسي : لقد نهشت بأنيابك السامة ومخالبك الحادة تلك الأجسام البريئة وأيقظت مضجعها أما اكتفيت..؟

أيها الماكر الظالم ما أقسى وأعنف هجومك لقد حرمت ذاك الطفل والده الذي يعيش بعزه ويراه وطنه وحماه أما اكتفيت ..؟

ماذا عساي أحدث ماذا عساي أن أقول إذا ترددت في مسمعي وقرعت طبلات أذني عويل هذا المريض وهو يهمس ..

ويلي على فراقك أبي و يا حسرةً لفراقك يا ولدي و يا ألماً يوخز خاطري لشهقاتك أمي و يا أسفاه على شبابك أخي وأخيتي ..

هذا شعارك أيها القاتل اللئيم حرمتنا النوم وأسهرتنا ..وطال تماديك غزوتنا فسلبتنا..

عليك لعناتي أيها السرطان .. وتباً لك والف الفِ تباً .. يا فاجعاً إن ظهرت ببلدةٍ أفزعتها .

إنها قصص من الحزن .. وفصول من المآسي.. ترافق أولئك المرضى الذين يتصارعون مع هذا الورم الخبيث ..لا يدرون متى ستكون النهاية لما يعايشوه سوى تلك التناهيد المدوية على حالهم ومستقبلهم..!

 فقلوبهم تتمزق ألماً وأعينهم تذرف الدموع على ما آلت اليه أحوالهم ...لا يرون هناك بصيص أمل يصنع حداً لهذه المأساة .. إلا أن هناك فئة من بينهم يزدادون حزناً وألماً ألا وهم المصابون الذين هجروا قسراً مدارسهم وكلياتهم ليضلوا متنقلين بين غرف المستشفيات..

إن هذه العافية التي تمرح في سعتها وتستمتع بحريتها ليست شيئاً قليلاً ..

أخي الغالي.! ألا تعلم أن هناك خلقاً ابُتلوا بفقد هذه النعم وليس يعلم إلا الله مدى ما يحسون به من الم ؟؟

ما أشد الألم!

 عندما تتلقى صفعات الزمن واقفاً بلا ردة فعل وما أشدها عندما توقظك من أجمل أحلامك أحلام العمر ..

هكذا المرضى يرون أن أحلامهم ذهبت أدراج الرياح يراودهم هذا الشعور مراراً وتكراراً ..

أخي القارئ لعلك تتفهم رسالتي ...!!!

أما حان الوقت لنساعدهم بما هبانا الله؟؟ لنشاركهم هذه الأوجاع ونخفف من معاناتهم ما استطعنا أليس الوقت المناسب لكي نزكي عن أموالنا؟؟

نعم يوجد هناك أسر فقيرة لا يملكون شراء حقنة واحدة من العلاج لمرضاهم، يبكون ليلاً نهاراً وكما يشير الحديث إلى من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة..

ومن الخطأ أيها الغالي .. أن تحسب أن رأس مالك الأصيل ما هو ما اجتمع لديك من ذهب وفضة!!

إن رأس مالك الأصيل هو جملة المواهب التي سلحك القدر بها من ذكاء وحرية وقدرة وفي طليعة المواهب التي تحصى..

أفكاري تجول بين لحظة وأخرى... مع أولئك الذين ابتلاهم الله بالسرطان وتلوح في أفق خيالي معاناتهم.. ويقرع قلبي أنينهم ..وتتردد صرخاته في منامي .. ما أغلى العافية التي تسري في أوصالنا وما أثمن القوى التي زودنا الله بها ..

أسف... أنا أحبائي .. اسف .. ليس معي سوى دموعي أشارككم بها لم أجد ما أعينكم به سوى أن ادعوا الله لكم بالشفاء .. هو من يقدر على إغاثتكم كلنا نحبكم ونستشعر بألمكم لا نبكي أمامكم فقط حتى لا نزيدكم الأوجاع والأحزان ثقوا أنكم في قلوبنا مهما كانت المسافات والعلاقات وأن الله يحبكم لا يبتلي الله من عباده إلا الصالحين..

أريد الصمت كي أحيا ولكن الذي ألقاه ينطقني..

ولا ألقى سوى حزن على حزن على حزن..

أأكتب أنني حياً على كفني؟..