ثبت في الواقع العملي وخلال الفترة من 2011م حتى اليوم أن الغالبية العظمي من اليمنيين "مسئولين, ومواطنين" لا مبدأ لديهم ولا ولاء فعلي لا لحزب ولا لقبيلة, فقد يمسي الواحد مؤتمرياً ويصبح حوثياً, أو يصبح إصلاحياً ويمسي مؤتمرياً, أو يصبح من حاشد ويمسي مع السيد..
أي أن الواقع أكد بطلان نظرية الولاء الحزبي أو القبلي في اليمن وإنما الولاء للفتنة وهو (المال), فأكبر قبيلة في اليمن وصفت بالشدة والقوة والتسلط طوال 50عاماً مضت, أين ذهبت؟ وما أهلكها وأنهاها؟ باعت ولاء القبيلة للسيد وانتهت وستبيع بعد فترة ولائها لآخر لكنه بثمن بخس فقد انتهت وسقطت إلى غير رجعة.. كذا شهدنا في عدة محافظات تبارك الحوثيون فجأة بعد أن كانوا قِلة لا تُذكر ووجد الجميع أن الحقيقة هي: أن الله قلّب قلوب المؤتمريين فأصبحوا حوثيين فزحمت الدنيا وأصبحوا ثِقلاً وعبئاً ثقيلاً.., والمشترك كان معارضة ويشارك المواطن همه وغمه, وبعد مشاركته في الحكومة تحول إلى مُعترك وكل واحد "يَرْزَعْ" صاحبه, وكان السبّاق للموافقة على جِرّاع الشعب للغلاء والبلاء.
غريب الحال في اليمن وغير مُقتصر التقلب على الجماعات والفئات والأحزاب بل شامل لانتماءات أشخاص بعينهم, وحتى لأسماء وصفات الأشخاص: فالفضلي كان مؤتمرياً قلب قاعدة, ومحمد علي أحمد والنوبة, كانوا حِراكيين وانفصالين قلبوا وحدة, وياسين كان وحدوياً وقلب.. والرئيس السابق كان لقبه أحمر قلبوه عفاش.
حتى في الممارسات والسلوكيات تشقلبت: أصحاب حضرموت كانوا يتضاربون بالكوافي ويخافون من العصا فأصبحوا يذبحون بالسكاكين ويصورون ويفاخرون لا "تجوا" عندنا؟, وأصحاب الحديدة وتهامة كانوا أصحاب القلوب البيضاء والمسالمين أصبحوا يذبحون أمهاتهم اللاتي ولدنهم؟ والحوثيون يقتلون أمريكا وإسرائيل بحِبر أخضر ويسيلوا دماء اليمنيين صافية بريئة حمراء, وقبل عامين كانوا يريدون قتل الرئيس السابق بصاروخ وما قد عرفنا من هم, وبعدما ذبحوا الجنود الـ14في حضرموت اتضح أنهم غيروا خطتهم وحفروا نفقاً من شارع صخر إلى تحت بيت علي عبد الله صالح ويشتوا يذبحوه بالسكين ليطمئنوا على وفاته؛ لأن الصواريخ ما تنفعش معه!!. وحتى القاعدة يمسون في حضرموت ويصبحون في لحج, مهددين بإنشاء إمارة إسلامية وما قد استراحوا من السفر.
تلك مُقتطفات بسيطة جداً من كم كبير من التناقضات في بلادنا والتي تؤكد جميعها أننا أمام تغير قيمي وأخلاقي وإنساني يعصف بوحدة هذا المجتمع وأمنه واستقراره بل وبقاءه, فهل من مُنقذ؟ وهل بقي عُقلاء في هذا الوطن؟, وهل انتهت الحِكمة؟.
فبقاء المجتمعات واستقرارها لن يكون ولن يتم عبر تاريخ البشرية إلا عندما تسيطر قيم الخير "الصدق, العدل, الأمانة, الرحمة, و.. إلخ" على قيم الشر وما نراه في مجتمعنا ونلمسه من تعاملات من سياسيين ودينيين ومثقفين وغيرهم, جميعها تعاملات موسومة بقيم الشر المعبرة عن انهيار المنظومة القيمية السوية والخيرة لهذا المجتمع وستكون النتائج بلا شك عند استمرارها هي: هلاك الجميع.
ومن غباء الجميع هو تعامله بتلك القيم غير السوية والشريرة لتحقيق نفع وكسب مادي أو سياسي دون تفكير بأنه هالك وما كسب..
ماجد البكالي
انهيار قيمي وإنساني يهدد الجميع 1261