بكلمات قليلات مختصرات، وصوت هادئ، ولغة بسيطة، وبثقة ما بعدها ثقة.. ظهر الضيف المنتظر محمد الضيف- قائد كتائب الشهيد عز الدين القسام- في خطاب متلفز اقتصر على صوته الواثق ، في ظهور يعد الأول من نوعه لهذا الرجل اللغز الذي حير الكيان الصهيوني عندما حاول اغتياله أكثر من ثلاث مرات ، وفي كل مرة يخرج على الكيان بعلميات بطولية أصابته في مقتل، وآلمته في جنده واقتصاده ونسيجه الاجتماعي، الأمر الذي جعل الكيان يتخبط في كثير من عملياته العدوانية، وقرارات الحرب على القطاع.
ولأنه محمد الضيف؛ الحقيقة التي أصبحت واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار لم يستطع الصهاينة أن يخفوها، أو يتجاهلوها تقليلاً من شأنها، ومن كتائبها المظفرة التي أعدت العدة ليوم شديدة النار، فقد خرج الكثير من المحللين والخبراء العسكريين الصهاينة، بعضهم ممن عمل في السلك العسكري والدبلوماسي الصهيوني في فترات سابقة، اصبح الكثير منهم يتكلمون دون حرج وبلا مواربة بأن محمد الضيف استطاع أن يلقن قادة دولة إسرائيل الدروس ، لكن ما اختلف هذه المرة هو أن الكلام عن هذه الدروس اصبح مباحا داخل الكيان الصهيوني ، و التحدث عنه واجب ، لأن الدرس الذي لقنه محمد الضيف نتنياهو درس لن ينسى حين فاجأه هذه المرة بإعداد وجهوزية لم يستطع معها أن يحمي جنوده وآلياته التي توغلت لبضع امتار داخل قطاع غزة ، لكنهم كالأشباح ظهروا لهم من تحت الأرض بعدما فاجأوهم من البحر عبر مقاتليه ، ومن الجو عبر طائرات بدون طيار التي حلقت فوق مفاعل ديمونا النووي ، وكل ذلك تم للمقاومة بعناية فائقة ـ وتكتيك أبهر العدو الذي ظن لوهلة بأن شن حرب عدوانية قد يكون هذه المرة نزهة نظرا للإنهاك والإعياء الذين أصاب المقاومة جراء الحروب العدوانية السابقة ، لكن المفاجآت كانت أكبر مما تخيله العدو حين شاهد السماء والبحر والبر جنود لله تجود بأجمل ما تحمله من الخيرات والبركات ، وهل هناك أعظم بركة في هذا الزمن التعيس من المجاهدين الذين يعيدون للامة وهجها والقها بعدما خذلها حكامها ، واصبحوا من الخضوع والخنوع دمى تحركها إسرائيل متى شاءت ، وتجعل منها أصناماً محنطة متى شاءت .
إننا اليوم أمام زمن جديد يكتب تاريخه المجاهدون المخلصون الصادقون الذين عاهدوا امتهم ودينهم بأن يعمدوا هذا التاريخ بدمائهم وأرواحهم ، بالله عليكم أي مجد هذا الذي يسطره محمد الضيف معه رعاية السماء والذي مرغ من خلاله أنف نتنياهو ، وجيشه الذي لا يقهر ، وللعلم فإن كثيراً من التقارير تشير إلى أن محمد الضيف مجاهد قعيد فقد رجليه في إحدى الغارات التي استهدفته، ويقال أيضاً بأنه ضعيف السمع ، وبالكاد يستطيع السماع.
لقد استطاع الرجل أن يختفي خلف إصبعه من العدو الصهيوني ، على الرغم من معاصرته لأغلب رؤساء وزراء العدو الصهيوني ، وفي كل مرحلة يتقلد فيها رئاسة الوزراء مجرم آخر ، يترك الضيف بصمته على كل واحد من هؤلاء ، فلا تنتهي فترة رئاسته للوزراء حتى يسلم بأن من قاتله إنما هو خصم عنيد وشرس .
اليوم أصبحت الكثير من الأوساط الإسرائيلية تدرك بأن مستقبل نتنياهو بعد هذه الحرب العدوانية يقرره محمد الضيف وليس أحد سواه كلام لا نقوله تعاطفا ، نحن بل الكثير من الخبراء والمحللين وصناع القرار في الكيان الصهيوني .
والمعادلة باختصار تكمن في الآتي : بدأت الحرب وصواريخ المقاومة تؤزّ إسرائيل أزاً ، وستنتهي الحرب وذاتها الصواريخ المقاومة ما زالت تدك إسرائيل دكاً ، فأي نصر هذا الذي يمني نتن ياهو نفسه به ، على العكس من ذلك تخرج المقاومة من كل حرب اشد عودا ، وأقوم موقفاً ، بل لقد مرغت انف نتنياهو وزادت الشواهد على هزيمته لما ركزت المقاومة جهودها وتفكيرها على كل ما هو عسكري من عدة وعتاد ومقاتلين ومبان وقواعد عسكرية ، كلها أهداف شرعت المقاومة على استهدافها ، ووصلت إلى ما أرادت الوصول إليه فمن المنتصر إذاً؟! .
يحاول نتنياهو أن يبحث لنفسه عن نصر مزعوم, لكن هذه المرة لن ينطلي على كيانه ولا العالم مثل هذا النصر الموهوم الذي يبحث عنه نتنياهو ، هذا إذا لم تكن المحاكمة بانتظاره وهو ما يتحدث عنه الكثير من الإسرائيليين..
مروان المخلافي
قعيد يمرغ أنف نتنياهو1 1374