ما يحدث في اليمن مؤامرة خطيرة تستدعي الانتباه وتعاضد القوى الحية في البلد، لأن هناك من يبحث عن ذاته وعن مصالحه الخاصة وعلى حساب الوطن والشعب، وبصورة مكشوفة وواضحة ولا تحتاج إلى أدلة وبراهين.. فما يحدث اليوم للجيش اليمني جريمة، وأي جريمة أعظم من ترك الجنود عرضة للذبح والتقتيل وكأنهم نعاج، لا يعقل ان يكون هذا الأمر عفوياً وغير مدروس ومخطط له وبعناية.. إن ما يدور الآن من حديث عن الاستعانة باللجان الشعبية لدحر القاعدة في حضرموت هو اسلوب ابتزازي من الدرجة الاولى وبالمكشوف، ولأسباب عدة منها ان أبناءحضرموت بطبيعتهم مسالمون، ولا يستخدمون السلاح إلا في الدفاع عن انفسهم، وبالتأكيد فهم لا يرغبون في ان يكونوا بديلا عن الدولة اطلاقاً، بل ان ابناء حضرموت من اكثر الناس التزاماً بالنظام والقانون ولا يميلون الى العنف والتعصب ومحاولة فرض الامر الواقع امام الدولة، بعكس غيرهم من ابناء مناطق الجنوب الاخرى أو الشمال.. ومثل هكذا قول لا يعد - حسب اعتقادي- انتقاصاً من الاخوة الحضارم أبداً، فهم والحق يقال محل احترام وتقدير ومرحب بهم في مختلف مناطق اليمن، بل وحتى على مستوى الاقليم يحظون برعاية خاصة ويعاملون باحترام في دول الجوار، في السعودية والخليج وحتى في شرق آسيا، كونهم أولاً نجحوا في بناء انفسهم اقتصاديا، وغالبية ان لم تكن كل مشاريعهم التجارية ناجحة، وثانياً انهم يلتزمون بأنظمة وقوانيين تلك البلدان ويتأقلمون مع تلك المجتمعات وبسهولة ويسر؛ وهذه ميزة تحسب لهم ايضاً وليست عليهم.. ولهذا اقول انه لمن الخطأ الفادح إقحام أبناء حضرموت في لجان ومليشيات شعبية مسلحة، وكما حدث في ابين، وكلنا نعرف خصوصيات أبناء ابين وانهم مقاتلون ومتمرسون على حمل السلاح، كما هي الضالع أو بعض المحافظات اليمنية الاخرى الشمالية منها أو الجنوبية فكل محافظة ولها خصوصياتها، ولا ينبغي القفز على الواقع ومحاولة اسقاط وضع أبين أو لحج أو عدن على حضرموت.. ولهذا أعتقد جازماً ان وراء تلك الدعوات ما وراءها من مكاسب أولاً لسحب مليارات من خزينة الدولة تحت بند تشكيل لجان، وثانياً هي محاولة أخرى لنسف ما تبقى من هيبة الجيش اليمني وانه لم يعد قادراً على حماية الوطن، وهذا خطأ فادح أيضاً ومسلسل معد ومرسوم له لتحل مليشيات شعبية محل الجيش وبدعم خارجي، خصوصاً إذا ما نظرنا إلى ما يحدث من حولنا فحكومة واشنطن اليوم تسلح المليشيات الكردية، وايران تسلح المليشيات الشيعية، وهكذا المخطط لافراغ البلدان من جيوشها الوطنية واستبدالها بمليشيات متنوعة لتسهل السيطرة وتمرير المشاريع المشبوهة..
في بلادنا يبدو ان القصد من البحث عن مليشيات شعبية في حضرموت هو اسلوب سخيف وحقير لسحب مليارات من خزينة الدولة واستكمال مسلسل تدمير الجيش اليمني ولأهداف بعيدة وقريبة المدى. ولعل أخطر ما يمكن أن نسميه هو ايصال الشعب اليمني إلى فقدان تام للثقة بالجيش، وهذا لن يتم إلا بالرضوخ لمطالب القوى المتمصلحة وعلى رأسها وزير الدفاع ومن يدور في فلكه.. إنها محاولة لاستكمال المسلسل الذي بدأه في تفتيت وحدات الجيش وتحت مسميات عدة، وإلا ما هي فائدة وجود الجيش ووزارتي الدفاع والداخلية إذا كنا سنلجأ إلى تشكيل مليشيات لحماية الوطن؟! إذاكان الجيش بكل وحداته وألويته وكتائبه وأسلحته الثقيلة والمتوسطة والخفيفة وأجهزته المختلفة ومخابراته وميزانيته المهولة لا يستطيع حماية البلاد من خطر بسيط كالقاعدة فما الداعي لبقائه، لماذا لا يتم تسريح أفراد الجيش وإلغاء وزارتي الدفاع والداخلية والاعتماد من البداية على المليشيات واللجان الشعبية؟! ان القوى السياسية الوطنية اليوم على المحك، وعليها الوقوف بجدية وحزم لايقاف مؤامرة لن تطال جزءاً من البلاد دون آخر، ولا شطر دون شطر، ولا فئة دون اخرى، إنها مؤامرة تستهدف كل ابناء الوطن، ومواجهتها تستدعي الالتفاف والتعاضد وفضح المخطط الذي تنفذه قوى عميلة ومرتهنة تعبد الدينار والدرهم لجر البلاد إلى الخراب والدمار كما الحال في العراق وسوريا ولبنان وغيرها..
عبد الباسط الشميري
مليارات لتشكيل مليشيات في حضرموت والهدف تقويض امن اليمن بأسره! 1249