يعتبر الإعلام بشتى أنواعه "المقروء، والمسموع ،والمرئي" لسان حال الأفراد والمجتمعات دون استثناء ووسيلة كبرى للتعبير عن قضايا ومشاكل وهموم الأفراد بجميع فئاتهم المختلفة وبصراحة أقول مازال الإعلام دوره ضئيلاً في مناقشة القضايا التي تهم الأشخاص من ذوي الإعاقة خصوصا، وتعامله معها بالأساليب القديمة، في الوقت الذي زادت فيه أعدادهم بشكل كبير في مجتمعنا اليمني، ولاشك أن الإعلام اليمني يمكن أن يلعب دوراً من أهم الأدوار خلال المرحلة المقبلة في تغيير النظرة تجاه الأشخاص ذوي الإعاقة، وتوضيح حقوقهم في المجتمع وأنا على ثقة بأن دوره سيكون رائعاً في عملية التعاطي مع قضايا ذوي الإعاقة.
في البداية أوضح للجميع: أن ذوي الإعاقة عانوا من الظلم فترة طويلة في المجتمع اليمني، والسبب الرئيسي في هذه المعانة هو غياب الثقافة الواعية بحقوقهم، وتجاهل الحكومات المتتالية لهم، وغياب دور الإعلام الواعي، ولذلك كانوا بمثابة عنصر مهمل داخل المجتمع، بما يتنافى مع أبسط مبادئ حقوق الإنسان وجميع الشرائع السماوية، ونجد هذا التجاهل على أكثر من صعيد، في المباني السكنية، والمباني الحكومية، ومناهج التعليم، والثقافة، والصحة، وغيرها من منظومة المجتمع.
وعلى أية حال لا أؤيد الإعلام المتخصص للمعاقين، ولكن أؤيد دمج برامج ذوي الإعاقة ضمن البرامج والقنوات والمحطات العامة، لسبب رئيسي يرجع إلى مساعدتهم على الاندماج في المجتمع، ولكن لو وجدت قنوات متخصصة سوف تسهم في مزيد من عزلتهم عن المجتمع، لأنني أتصور أن أحد أهداف القنوات العامة هو توعية المجتمع لكافة أفراده على اختلاف أعمارهم ومستوياتهم الاقتصادية بحقوق ذوى الإعاقة، وحينما نقدم برامج ذوي الإعاقة في المحطات والقنوات العامة سوف نحقق أكثر من هدف في ذات الوقت، توعية المجتمع من ناحية، ودمج المعاق من ناحية أخرى، ولفت نظر صانع القرار بصفة دائمة على وضع قضايا المعاقين في قائمة الأجندة لصانعي القرار.
طاقة تنوير
الإعلام بما يمثله من طاقة تنوير لكافة الفئات إلا أن دوره ضئيل جداً في تناوله لقضايا ذوي الإعاقة، هذا ما يؤكده الخبراء والمتخصصون بهذا المجال، مضيفا أن ذلك تم من خلال عدم تسليط الضوء على احتياجاتهم ومشاكلهم ومطالبهم، وإشراك ذوي الإعاقة، وعلى العكس من ذلك نجد على بعض القنوات العربية المتخصصة نافذة لإشراك ذوي الإعاقة على الاندماج في الحياة السياسية والاجتماعية وهذا شيء طيب وإيجابي .
وبالتالي فان هناك قوانين تؤكد على ضرورة إشراك ذوي الإعاقة في كافة المجالات دون استثناء ،وتقدم المجتمعات تقاس بمدى دورها في مشاركة ودمج ذوي الإعاقة في مجتمعهم، لذلك لابد من وجود إعلام متخصص ووعى مجتمعي لأهمية مشاركة ودمج هذه الفئة حتى يحدث لدينا التكامل الاجتماعي، حيث أن مفهوم الدمج يعتبر فلسفة متكاملة يهدف إلى قيد الطفل المعاق سواء من ناحية التعليم أو توفير فرص العمل أو استخدام وسائل المواصلات أو استغلال الموارد المتاحة في الدولة، كما أدعو وزارة الإعلام ممثلة بالأستاذ/نصر طه مصطفى- وزير الإعلام- القيام بدور تنويري وتوعوي كبير بقضايا ومشاكل ومطالب ذوي الإعاقة؛ حتى نتمكن من الحد من نسب المعاقين، حيث تجاهل الإعلام اليمني الوثيقة الصادرة عن الجامعة العربية وهى « العقد العربي لذوي الإعاقة» من 2004 حتى 2014، وكان أهم أهدافها تعزيز رؤية الشخص المعاق لنفسه والعمل على تغيير نظرة المجتمع السلبية له، وهو دور إعلامي أصيل، وكذلك إدراك قضية الإعاقة ووضعها على سلم أولويات الحكومات العربية وتوفير الاعتمادات بما يكفل تحسين نوعية معيشتهم، وأيضا توفير التكنولوجيا الحديثة المناسبة لدعم برامج تشخيص وتدريب وتأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة، وتجاهل هذه الاتفاقية وعدم تفعيلها كان له أثر سلبى في تطور حركة المجتمع نحو مستقبل أفضل، والمجتمع في حاجة ماسة لتغيير نظرته لذوى الإعاقة لان من بينهم عباقرة تحدوا إعاقتهم ونجحوا في مجالاتهم لتحقيق طفرة كبيرة ولا يتم تقديرهم أو تكريمهم والالتفات إلى احتياجاتهم بسبب تجاهل الإعلام لهم.
إعلام متخصص
أما أنا كباحث في شؤن التربية الخاصة أقول: إن كافة برامج ذوي الإعاقة التي تذاع في وسائل الإعلام غير متخصصة وقليلة جداً ولا تعبر عن نسبتهم في المجتمع اليمني ، ولن تتغير نظرة المجتمع لذوي الإعاقة إلا بتناول قضاياهم في مختلف وسائل الإعلام من الجذور وليس من القشور، ولا يستطيع تناول مشاكلنا من الجذور إلا الإعلام المتخصص لأنه يكون على معرفة بأنواع الإعاقات قادراً على طرح جميع القضايا التي تخص المعاقين، ويكون مدركاً لجميع المشاكل التي تواجه كل إعاقة، فعلى سبيل المثال مشاكل المعاقين حركياً تختلف عن مشاكل المعاقين بصرياً وعن الصم والبكم، حيث يوجد لكل إعاقة مشاكلها، وما تتناوله وسائل الإعلام في الوقت الحالي ما هو إلا قشور لمشاكل المعاقين بسبب عدم تخصص مقدمي البرامج ومن يقومون بإعدادها، لذلك نطالب ببرامج خاصة بالمعاقين تتناول قضايا ومشكلات المعاقين، بشرط يكون كل من يعمل بها من المعاقين أنفسهم أو من له خبرة بفئات المعاقين ومشاكلهم.
*باحث ومتخصص بشؤون التربية الخاصة
فارس قايد الحداد
الإعلام ودوره في تغيير نظرة المجتمع لذوي الإعاقة 1299