تتجذر الأزمة التي تمر بها اليمن منذ العام 2011 على الصعيد الاقتصادي والأمني والاجتماعي والصحي وصارت تمس حياة الملايين من المواطنين في الريف والحضر ولا من بصيص أمل في نهاية النفق, وصار الجميع يتندر على أيام زمان ويقول البعض للزمان ارجع يا زمان.
حرم الأطفال من أبسط حقوقهم الأساسية بسبب الوضع الشائك الذي تمر به اليمن والمشاكل والأزمات المتفاقمة بدءاً من الانقطاعات المتكررة للكهرباء بمعدل خمسة عشرة ساعة في اليوم والليلة إضافة إلى شح واختفاء المشتقات النفطية والغازية وارتفاع أسعارها في السوق السوداء وارتفاع أسعار الكثير من مستلزمات الحياة الضرورية كالماء والمواد الغذائية الأساسية.
تلك الأزمة كلفت الاقتصاد الوطني خسائر ضخمة تقدر بأكثر من خمسة عشر مليار دولار بسبب أعمال التخريب والإرهاب والاعتداءات المتكررة على أنابيب وناقلات النفط والغاز وعلى أبراج وخطوط محطات توليد الكهرباء, بالإضافة إلى الشلل الذي أصاب قطاع السياحة وتوقفت عجلة الاستثمار ومغادرة رؤوس الأموال الوطنية والأجنبية البلاد بسبب تدهور خدمات الطاقة والكهرباء وانعدام أو شحة المواد النفطية والغازية والتي تعتبر العصب الرئيسي للتنمية إضافة إلى الانفلات الأمني الذي تمر به البلاد بالإضافة إلى الحرب التي فرضت على قواتنا المسلحة الشجاعة والأمن ضد الإرهاب وتنظيم القاعدة في المناطق الجنوبية وكذلك المعارك والاشتباكات بين الجيش وجماعة الحوثي "جماعة أنصار الله" في عمران والمناطق القريبة من العاصمة مثل همدان وبني مطر.
لقد وصل معدل الفقر في اليمن إلى أكثر من 55% وارتفعت نسبة انعدام الأمن الغذائي منذ العام 2011 وحتى الآن أكثر من 45% وارتفع عدد المواطنين الذين يُصنفون تحت خط الفقر ولا يملكون القوت الضروري إلى أكثر من 11 مليون يمني وتزايد عدد الأطفال الذين يتركون المدارس ويتجهون إلى سوق العمل من أجل مساعدة ذويهم كما ارتفع عدد الأطفال اليتامى وأطفال الشوارع والأطفال الذين يتم استغلالهم والمتاجرة بعم وتهريبهم إلى دول الجوار. وارتفعت نسبة الأطفال المصابين بأمراض نقص الغذاء وسوء التغذية بمعدلات مخيفة.
ومما يزيد من تفاقم الأوضاع سوءاً هو زيادة عدد اللاجئين الفارين من الحروب والاقتتال والفقر وتردي الأوضاع الاقتصادية في تلك الدول التي يفر منها اللاجئين مثل الصومال وسوريا حيث وصل عدد هؤلاء اللاجئين إلى أكثر من 750 ألف لاجئ وهؤلاء يشكلون عبئاً ثقيلاً على الدولة والمجتمع والغالبية العظمى من هؤلاء اللاجئين يتجهون إلى سوق العمل ويشكون منافساً قوياً للعمالة اليمنية حيث يلاحظ تواجدهم في الكثير من مؤسسات ومرافق الدولة المختلفة كالمستشفيات والمراكز الصحية بالإضافة تواجدهم في مؤسسات ومحلات القطاع الخاص الذي يفضلون هؤلاء اللاجئين عن العامل اليمني لتدني أجورهم ومهاراتهم العملية وقوة تحملهم للأعمال الشاقة. كما أن انعدام المتابعة والرقابة الأمنية وإقاماتهم ونشاطاتهم تشكل عاملاً أساسياً في تغلغل وانتشار نشاطات هؤلاء اللاجئين بالإضافة إلى انعدام وتدني المنظمات الدولية المعنية بشئون اللاجئين كل منا يعرف عام المعرفة أن اللاجئين في كل الدول التي يستقرون بها يتم حصرهم في مخيمات بعيداً عن المدن وتقييد نشاطاتهم وتحركاتهم مثل الأردن وتركيا وسوريا وغيرها ما عدى اليمن التي فشلت في احتواء اللاجئين وتنظيم نشاطاتهم وحركتهم ويتمتعون بالمواطن الكاملة.
وينتقلون من منطقة إلى أخرى دون رقيب أو نظام أو إجراءات أمنية تحد من خطر ومساوئ تلك الظاهرة التي تمس أمن واستقرار اليمن اقتصادياً وأمنياً وسكانياً.
في الأخير لا بد من التنويه والتحذير من إمكانية استغلال أفراد أو جماعات من هؤلاء اللاجئين من قبل المنظمات الإرهابية الموجودة في اليمن وتقديم الإغراءات المادية ونشر الأفكار الإيديولوجية المتطرفة من أجل الانخراط في صفوف القاعدة ونفذت العديد من الحوادث الإجرامية والانتحارية ضد أفراد من الجيش والأمن.
أو ضد منشآت حيوية عسكرية أو أمنية أو اقتصادية هل نستقي العبر من دول الجوار التي طردت أكثر من مرة مئات الآلاف من المغتربين الذين كانوا يشكلون أكبر رافدين من روافد الاقتصاد اليمني وبدلاً من أن يكرس الدول واجبها لتحسين ظروف مواطنيها اقتصادياً وصحياً وغذائياً وتعليمياً تتجه لمواجهة ومعالجة مشاكل اللاجئين وعملاً بالمثل اليمني القائل:
"يا مفرق المرق أهل بيتك أحق" هذا نداء لمن يهمه الأمر فهل من مجيب؟".
د.عبدالسلام الصلوي
اللاجئون في اليمن..نار تحت الرماد 1359