ما الذي تغير حتى يصطف رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس مع المقاومة بهذا الشكل اللافت.. هل راجع الرجل وسلطته مواقفهم العدائية التاريخية للمقاومة وفي القلب منها حماس؟.. هل بات يؤيد مقاومة الاحتلال بالقوة المسلحة على عكس مواقفه المناوئة؟!
عباس هو مهندس اتفاقية أوسلو للسلام مع الصهاينة وهو صاحب تعبير "الصواريخ العبثية" عندما ظهرت صواريخ القسام، وهو صاحب مشروع القضاء على عسكرة المقاومة وهو من حرض على الحرب على غزة عام 2009م وطالب الصهاينة باستمرارها للقضاء على حماس وقد فضحه يومها ليبرمان نفس وزير الخارجية الصهيوني الآن وهدده بإخراج تسجيلات بمكالماته المحرضة على المقاومة وهو أحد أعمدة المبادرة المصرية في نسختها الأولى التي تؤدي- لو طبقت- لذبح غزة تمامًا وبالطبع المقاومة، وهو صاحب المخططات والجولات والمؤامرات الرامية للقضاء على المقاومة وفي القلب منها حماس..!!
فما الذي تغير حتى يهرع بهذا الشكل إلى خندق المقاومة ويتحدث كواحد من قادتها؟!..
لقد وجد محمود عباس وسلطته نفسه في مهب الريح أيًّا كانت نتائج الحرب الدائرة في غزة فلو حسم الصهاينة الحرب- لا قدر الله- فإن دحلان رجل الصهاينة الأول كان جاهزًا ومنتظرًا عند بوابة رفح لدخول غزة وإدارتها نيابة عن الصهاينة والمتصهينين العرب مع إعادة تشكيل السلطة برفس عباس خارج الملعب ليتربع دحلان على قيادة الشعب الفلسطيني (هكذا كانوا يخططون وكان عباس يعلم). أما في حال انتصار المقاومة وهذا هو الحادث فإن سلطة ناصبت المقاومة- ومازالت- العداء لن يكون لها مكان على خارطة العمل الفلسطيني وستكون الكلمة الأولى والمسموعة فلسطينيًّا ودوليًّا هي كلمة المقاومة كما هو حادث الآن.
إذا وجد عباس نفسه في مهب الريح في الحالين فهرع إلى عرين المقاومة ليحتمي به وليجد له دورًا يغازل به الصهاينة وأزلامهم والغرب موحياً للجميع بأن دوره لم ينته وأن ما زال رقمًا.. فنشط في تشكيل الوفد الفلسطيني المفاوض في القاهرة ولم يكف هو وسلطته عن التأكيد على أن الموقف الفلسطيني موحد ولم يكف عن تصريحات الإدانة، وذلك موقف جيد في الوقت الراهن إذ يثلج صدر كل عربي مخلص وكل حر في العالم أن يكون الشعب الفلسطيني بكل فصائله على قلب رجل واحد.
ومع سعادتي بذلك فإن تاريخ الرجل الأسود مع المقاومة ومع مخالفيه يجعلني أحذر وبقوة من أي لعبة يمكن أن يلعبها لتفتيت وحدة الصف الفلسطيني بالظهور في الصورة أولاً كوحدة واحدة ثم يتقهقر في منتصف الطريق ليشق الصف ويهز صورة المقاومة ويعرقل حصولها على مطالبها لرفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني وأتمنى ألا يحدث شيء من ذلك ويصدق وسأكون أول من يحييه إذا سار في شوط وحدة الصف الفلسطيني حتى نهايته.
لكني أطالبه كغيري أن يعلن- لو كان صادقًا في موقفه- انتهاء التنسيق الأمني مع العدو الصهيوني في الضفة والذي بمقتضاه يواصل حملات الاعتقال والتعذيب لكوادر المقاومة في الضفة ويؤمم المؤسسات الخيرية ويضغط على أنفاس الشعب ويقوم بدور رجل الشرطة الراعي لمصالح وأمن الكيان الصهيوني مجانًا.. فالرجل لم يحصل منهم على شيء طوال ما يقرب من ثلاثين عامًا من المفاوضات.
أتمنى أن يضع عباس نقطة بيضاء في سجله الأسود مع المقاومة بالثبات على موقفه في خندق المقاومة دون التفات لتهديدات القتل والتصفية وحصار مقر الحكم الذاتي في رام الله ليختم حياته بنقطة بيضاء مثلما فعل عرفات الذي كان الفصل الأخير من حياته كفاح وصمود ضد الصهاينة حتى قتلوه سمًّا..
شعبان عبدالرحمن
ما الذي تغير في عباس حتى يصطف مع المقاومة؟! 981