مضى رمضان وهو في عجب من حال الحاكم والشعب.. طاف بلداناً شتى ورأى من أوضاع الشعوب ما يشي برغد العيش من كهرباء وغذاء وماء وأضواء وراحة بال وطمأنينة نفوس ورخاء..
وفي بلادنا وجد الناس غارقين في ظلام الليل محاطين بأجواء تبدو للرائي رومانسية؛ هجوع بين دموع وشموع..
غير أن الواقع يصرخ بلواعج وفواجع وطوابير طويلة واقتتال على قطرات وقود.
والألسن تلهج بأدعية متواضعة, متشابهة؛ عيش أنعم وحكومة أرحم.
وفي طريق مغادرته قابل العيد؛ فأنبأه من سيرتنا المزيد؛ كيلا يصطدم بما تدبر له الحكومة وتكيد..
ضحك العيد راغما؛ فهو قد شهد مراراً من حالنا ما يذهب لب الرشيد!.
حمل العيد للناس في بقاع شتى أفراحه, وبهجته, وزهوته, وتوجس خطرا في ديارنا حينما وطأها بقدمه..
وعندما هم بأخذ نَفَساً عميقاً؛ حيث ظن لوهلة بأن قد اندحر البلاء, جاء النبأ العظيم " بعيدية" الحكومة العبقرية, جرعة " هنية " تقتل بسطاء الرعية!.
يا سادة يا كرام: هذه ليست أقصوصة شعبية خيالية, بل حقيقة في أرض هي كقطعة من المريخ!.
الإدارة القديمة, المحدثة, قلبت فكرها المكدود في جرابها المملوء ببؤس تكيله على شعبها على مدى الدهر؛ فخرجت- كحاطب ليل- بحنش كبير أسمته حلاً فرداً لمعضلة الاقتصاد, العشوائي البنيان في دولة اليمن, ولو أن جرابها الأسود خال من بدائل؛ لما واجهت عاتب أو سائل, لكنها وجدت أن الحيف والميل على الرعية أيسر من محاسبة القوم في العلية!.
فماذا لو أنها استحت ووجهت جهودها لردم بؤر الفساد وقطعت بعضاً من الاعتمادات ومحت القوائم الوهمية والتي تصب في كروش بغاة وطغاة العلية ودعمت مشاريع الطبقة الوسطية وساهمت في تفعيل الشباب القاعد بمشاريع صغيرة ليغدو صاعد؟!.
ماذا لو استرجع وزراء الثورة بعضاً من روحها وزخمها, عندما كانوا في الساحات وصدقوا الوعود والرعود؛ فأمطروا العيش الهنيء لأتباعهم المنكوبين بكذبهم الغير متناهي وخجلوا من الخروج بهذه الرزية عليهم في هذا التوقيت؟!.
لن يبتلع الشعب الجرعة, فهو ممغوص لدرجة النزاع مع الموت..
وحتى مع تقديم حوافز مجزية تخفف وطأة الكارثة وتعين الفقير البائس على تعاسته ولظى عيشه مع نار الغلاء الفاحش, فلن يمكنه ابتلاعها..
أخيراً:
يبدو أن الحكومة لم تكن يوماً رعية, لتشعر بلظى الرزية.. لذا لابد من خروجهم من القصور الفارهة وإحلالهم في بيوت عامة الشعب الفارغة من ماء وكهرباء وطعام الأثرياء؛ ليدركوا عظم ما نعيشه من بلاء, في ظل حكمهم الخالي من عدل ورحمة ورشد ورخاء!!..
نبيلة الوليدي
جرعة عبقرية وعيدية هنيئة!! 1226