ربما أدركت القوى السياسية التي تتصدر المشهد السياسي في اليمن أنها في مأزق وأن الوطن وسيادة اليمن ومشروع اليمن الاتحادي الجديد في خطر.. لاسيما عندما وصل الحال والأحوال إلى مرحلة ربما أفقدت منظومة الدولة المركزية توازنها وأعاقت تنفيذ برامجها والتزاماتها التي باتت مرتبطة بالخيار الوطني الثوري واليمني الواحد بعيداً عن تلك المفارقات والاختلافات والتناقضات حول الثوابت الوطنية واليمنية عموماً.. إلا أنه- ومن خلال تلك المتغيرات وتعاقب تلك الأحداث والخروقات والمواجهات والاعتداءات والتدخلات الخارجية ومساعي الضغوطات الإقليمية والمحورية كلٌ يدعم ويمول ويقف مع حليفة ووكيله وعميله..
وهكذا اختلط الحابل بالنابل وأصبحت كل قوى تلوم وتحمل القوى الأخرى المسؤولية حتى وصل الأمر بسبب تلك المفارقات إلى سقوط مدن ومحافظات بيد المليشيات المسلحة والاستيلاء على معسكرات والاعتداء على المصالح العامة.. والتنكيل والانتقاص والتشكيك من المنظومة الإدارية للدولة وأصبح كل فريق يبحث طرق الوصول إلى الوصول إلى هرم السلطة على حساب تلك المتغيرات وتدهور تلك الأوضاع المختلفة للدولة.. ولهذا- وعلى هامش تلك المتغيرات والتحليلات والتكهنات- كتبت مقالاً قبل انعقاد مؤتمر الحوار الوطني بعنوان (المصالحة قبل المناظرة) حيث كان مضمون ذلك المقال الدعوة إلى المصالحة بين القوى السياسية والمكونات والجماعات بشكل عام وبين القوى السياسية الشريكة والمعنية في حكومة الوفاق بشكل خاص.. وذلك كان بمثابة الحرص على أن يكون التحاور والتشاور والتناظر عن قناعة تامة وعن تراضي بالواقع والذي من خلاله لاشك أنه سوف يقود الجميع إلى المأمول وإلى إيجاد الحلول التي تنصف الجميع وحتى لا تكون هناك فجوات ومسامات تجعل من تلك القوى أو تلك الجماعة على عدم تحمل مسؤولياتها أو التخاذل والتقاعس عن القيام بواجباتها الوطنية والإدارية في مختلف الاتجاهات والتوجهات والمجالات..
واختتمت مقالاتي" فإذا لم تحدث مثل تلك المصالحة من المؤكد أن الأيام القادمة ستكون مليئة بالتأثيرات الجانبية والمكايدات والتحفظات والانتقامات والألاعيب الظاهرة والمخفية منها سوف تطغي على المشهد وتقود البلاد إلى مزيد من تدهور الأوضاع ونشر الفوضى وراهنت أيضاً على عدم التعويل والركون على مجلس الأمن في معاقبة المعرقلين والمخربين أو تسميتهم لأن المعرقلين والمناهضين لهم أنظمة وأجندة إقليمية ودولية ودول صديقة وشقيقة هي من ستقف وهي من ستضغط وهي من ستقف أمام أي قرار يفرض عقوبات على أية طرف, فالحل والحلول بيد اليمنيين والقيادة ومن ثم يأتي دور المجتمع الدولي".. إنتهى..
فاليوم وربما على نفس المنوال يبدو أن تلك القوى السياسية والفعلية على أرض الواقع أدركت أن اليمن وخيرات اليمن وسيادة الوطن باتت على وشك الانقضاض عليها وعلى المكشوف يتم التسويق لها ومن ثم بيعها بثمن بخس على من يدفع أكثر.. مثلما ما باعوا واشتروا في العراق للفارسيين بالرغم من دعوتهم ومناوراتهم على أن الأمريكان والخليجين يعارضون ويعادون ويناهضون النظام الإيراني.. فكيف تفهم الشعوب المغلوبة أن يتم تسليم دولة العراق وخيرات وثروات الشعب العراقي إلى دولة مناهضة ومعادية لهم سياسياً وفكرياً واقتصادياً..؟ فلهذا كان إعلان المصالحة بين اللقاء المشترك ممثلاً بالإصلاح وبين المؤتمر الشعبي العام ممثلاً بالرئيس السابق على صالح ممثلة عن المؤتمر ربما لم تكن من باب المناورات وليس من باب الكلاع السياسي وإنما استشعارا من تلك القوى بأهمية الوضع وخطورة الموقف ومتطلبات المرحلة.. وخصوصاً بعد أن انكشفت تلك المؤامرات التي باتت تحاك باليمن وبشعب اليمن من قبل أولئك الأوصياء ومن قبل أولئك الأشقاء والأصدقاء.. لاسيما بعد أن كانت الآمال معلقة ومرتبطة بقيادة الدولة وبحكومة الوفاق بتحمل مسؤولياتهم والإيفاء بالتزاماتهم لكن تبدو المتغيرات أن الجميع تحت الوصاية وتحت الضغوطات والإملاءات الخارجية بالتوجيه وتعمد التواطؤ والتحفظ مع القوى المغايرة والمناهضة والمعادية لتطلعات الشعب ومعارضة لأهداف ثورة سبتمبر وأكتوبر والوحدة والتغير ومشروع اليمن الاتحادي الجديد.. فهل يا ترى ستعي القيادة والحكومة والقوى المتخاذلة حقيقة تلك المؤامرات ؟وهل يا ترى ستعي بقية المكونات الثورية والسياسية في الشارع اليمني أن اليمن ربما عما قريب سيتم بيعها في المزاد العلني حتى يتم انتقال الصراعات الطائفية في العراق وسوريا إلى اليمن إذا لم يتم التقارب والتكاتف والتعاون والتصالح والتسامح والحوار الجاد بين القوى والمكونات والجماعات السياسية والفكرية والحزبية وعلى شريطة أن تكون على مسافة واحدة وتحت سقف واحد تتعالى فيه الأخوة والوسطية والوطنية والقوة والوحدة والتحاور والتعايش والطمأنينة والسكينة مع كل أبناء الوطن اليمني الواحد بدون استثناء.. والله المستعان
د.فيصل الإدريسي
تصالح الشركاء وتحالف الفرقاء..!! 1210