المحطة الأولى
إن سبب وجع مشاكلنا يرجع إلى ما يحدث عن حياتنا العربية.. من ذلك أننا نعشق الحاضر ونغني من أجله القصائد وندافع عن بقائه، وإذا جاء لهذا النار ليل مفاجئ لعنا فيه كل شيء حتى ضوئه الجميل نراه مبهجاً يخطف الأبصار.. ولا أدل على ذلك من استخدام تعبير» بالروح بالدم نفديك يا فلان» يظل هذا النداء يتكرر ويعلو ويتراقص حتى.. وآه من كلمة حتى.. والتي بعدها تكون الواقعة التي ليس لها من دون الله كاشفة..
أتحدث عن بعض الرؤساء العرب الذين قلعهم وطاح بهم «الربيع العربي» مثل رئيس مصر الذي أصبح اليوم في زنزانة هو وأولاده يحاكمون ورئيس تونس الذي هرب بجلده خارج البلاد وأنقذ نفسه من محاكمة شعبه وما صار وما حدث لرئيس ليبيا الزعيم القذافي الذي أطلق على حكايته حكاية طويلة ما تحملها ملف..
هؤلاء الرؤساء الذين تناولتهم الأقلام والشعارات رنانة وفي صباح اليوم الثاني مرمى داخل الزنزانة أو منزله أو هروبه يكيلون التهم والإشاعات وهذه هي عادة البلدان العربية، كلنا عرب وكلنا تربينا على أن أصدق الشعر أكذبه وأن مقولة بالروح بالدم هي في الأساس مقولة كاذبة ليست من داخل القلب وإنما من فوق اللسان.
المحطة الثانية
يجهل أغلب الناس سراديب القانون ولا يعرفون نصوصه وقد يرتكبون المخالفات وهم لا يعلمون وهم ليسوا جميعا طلقاء الألسنة ويتمتعون بالشجاعة والقدرة على إبراز حججهم وذرائعهم والقانون قد يرحم إذا ما وجد مجالا للرحمة، لكنه عموما لا يحمي المغفلين ولهذا كان لا بد من المحامي وأن تباينت نظرات الناس إليه يرى الباحثون عن الحقيقة في المحامي نصيراً للحق ومرشداً إليه وسط دهاليز ظلمات الباطل, لكن كثيرين يرون أن ذلك المحامي ذاته في قضية يمكن أن يتحول إلى نصير للشيطان إذا وجد من يدفع أكثر في قضية مشابهة.
ويقول أولئك إن المحاماة ما هي إلا شطارة يستطيع المحامي الشاطر بالفهلوة أن يخرب بيوتاً ويعمر غيرها ويجعل الأبيض أسود والأسود أبيض ويلبس الحق بالباطل ويجعل المذنب ضحية والضحية مجرماً.
أحمد عبدربه علوي
محطتان على الطريق 1165