حالنا يماثل قصة الثور الذي حشر رأسه في قعر زير دونما فكاك، فبرغم أن غالبية أهل القرية كان رأيهم واقعياً وعملياً ويتمثل بكسر الزير إنقاذاً لرأس الثور وحياته ؛ لكن و يا لبؤس هؤلاء الذين غفلوا أن للزير أيضاً قيمة وصاحباً لئيماً وعنيداً لا يتنازل عن زيره بثمن.
دُعي شيخ القرية ليحُكم بين الطرفين المتشبثين بسلامة الثور والزير معاً، فأشار بذبح الثور وإذا بالمشكلة مازالت قائمة فرأس الثور بقي بداخل الزير، وكي يصحح الشيخ خطأ تضحيته بالثور دون فائدة ترجى، ولكي يثبت لمن حوله من القرويين بحكمته وصوابه, أشار بكسر الزير كيما يستخرج منه رأس الثور. انتهت المشكلة وبشكل دراماتيكي تراجيدي مأساوي كان من تجلياته المؤسفة التضحية بالاثنين؛ الثور والزير .
واقعنا السياسي جزءٌ كبير منه يشبه الثور الذي أدخل رأسه في ثنايا بؤرة ضائقة مجهولة العاقبة, فكان جزاؤه عقره وبمدية حُكم اعوج أهوج وظالم ، فبدلا من أن يُحكم بالعدل والإنصاف بحيث يُؤْثِر سلامة كائناً حياً وثميناً كان الحُكم كارثياً وقاسياً وغريباً ناسفاً لكل قواعد العدالة وأعرافها ، كما وكلفة هذا الحل خسران للطرفين فلا أبقى الثور لصاحبه أو أنه حفظ الزير لمالكه.
من الثور ومن الزير ومن صاحبيهما ومن الشيخ الحاكم بهكذا حكم غريب وأعوج ومستخف بالعقل والمنطق والعدل.. الإجابة أتركها لك أيها القارئ اللبيب؛ فما عليك سوى التأمل إلى حالتنا المزرية المتفاقمة جراء خلاف لا يستقيم مطلقاً مع المنطق والعقل والمصلحة الوطنية وسلامة البلاد العباد، فرغم أن اليمنيين يؤرقهم مآل الذبح والكسر معاً ، بيد أنه وإذا ما اقتضت الضرورة التضحية بأحدهما, فذاك يعني أن جلهم سيفضلون كسر الجرة على نحر الثور .
نعم فعلى أهمية وقيمة وخطورة القضايا الوطنية الماثلة الآن، لا يبدو أن هنالك حلاً ومعالجة حقيقية وجادة ومنصفة لها، فواقع الحال لا يشي بغير منطق ظالم أعوج أناني خاطئ؛ كذاك الذي ابتدعه شيخ القرية وكلف رعيته الاثنين؛ الثور والزير.
محمد علي محسن
قصة الثور والزير!! 1788