لا شك أن القوى التي تتصارع على أرض الواقع اليمني لها طموحاتها ولها مشاريعها ولها برامجها ولها أهدافها المرسومة على أرض الواقع.. لكن ربما تختلف الروايات والمرجعيات وتختلف رسومات الإحداثيات وحلول المعادلات.. وفي الأول والأخير الجميع يتسابقون على الحصول على النتيجة الأسرع حلا والأوفر حظاً.. فالخلاف ربما يكمن في الوسائل وفي المراجع وفي توجهات الممولين والداعمين لنجاح تلك المعادلات التي سوف يترتب عليها أرقام وكسور وأصفار وعلامات عشرية إلى مالا نهاية.. وهذا ما سيعود تأثيراته على المشهد اليمني المستقبلي الذي من المؤكد انه سيكون على حساب الدين والوطن وعلى أبجديات منظومة اليمن الجديد التي باتت منقذة ومنصفة للجميع.. فمن هذا المنطلق وحتى لا نضطر إلى أن نكذب على أنفسنا ونخدع شعبنا ونبيع وطننا ويمننا بثمن بخس ونحن صادقون.. فهناك الكثيرون من أبناء جلدتنا الذين أصبحت تتقاذفهم الأهواء والأطماع والانتقام من خصومهم السياسيين إلى الخوض في معترك السياسة الهوجاء والمغشوشة التي أصبحت لا ترحم من وصلت إليه.. ولا تشفق على من وصل إليها.. ولا تقدر من عاشرها ولا تثمن من عاشرتة.. ربما هي من أجبرت الكثيرين على أن يتمادوا في الإثم والعدوان وان يتمردوا ويتخلوا على الوطن.. وأن يتنكروا لليمن ويتجردوا عن الأرض والإنسان.. وعلى نموذج فقدان المصالح والمتارس والمجالس وفقدان التوازن واستعباد الآخرين..
وهكذا أصبحت ثقافتنا وتصرفاتنا وسلوكياتنا عندما نتناقش وعندما نتحاور وعندما نتنافس وعندما نصير حكام وعندما نكون محكومين ومقهورين.. عند ذلك نتجاهل مقدورنا ونتقاعس ونتخاذل عن مقدرتنا ونتهرب ونتخلى عن مسؤوليتنا وإنسانيتنا.. ندرك الحقيقة.. لكننا نتجاهلها.. نشكو من الظلم ومن الفساد.. لكننا نتحفظ علية وربما نؤيده.. نكتب ونخطب ونصرح ونطلب الأمن والاستقرار.. لكننا نمارس التخاذل ونحرض على الفوضى والاستكبار.. ندرك الواجبات والفرائض والسنن.. لكننا نلهث ونبحث ونمارس البدع والجهل والفتن.. نقرأ ونعرف ونؤمن بأوامر الله عن الأخوة وعن الوحدة وعن حب الوطن.. لكننا نصدق ونتابع ونقرأ لأولئك الذين يدعون إلى تشظي وخراب الوطن باسم الدين والطائفية والعودة إلى حكم اليمن..
فعلى كل مواطن وعلى كل مسؤول يمني غيورا على أرضة وعرضة وشرفة ودينة وشعبة ووطنه.. أن يتحمل مسؤولياته وأمانته أمام الله أولا. وأمام الشعب والوطن والأجيال القادمة ثانيا.. وحتى يتسنى لنا أن ننجو بصدق الصادقين.. وأن نتعايش بإخلاص الشرفاء والأوفياء والمخلصين. .وأن نتجنب ونحذر من كذب ونفاق المنافقين والمرجفين.. وخصوصا بعد أن تفاقمت اليوم تلك الثقافات وتلك التعبيات المكثفة والمشحونة التي أصبحت تمول وتتكالب وتنهال على حساب ديننا وعقيدتنا وهويتنا وسيادة وطننا.. حتى أصبحت ثقافة الكذب والتزوير والمكر والخداع والنفاق والتجرد والتمرد تتداخل مع سلوكياتنا ووطنياتنا..وكل هذا وذاك.. بسبب التسيس الممقوت والتشظي المحرم المنكوص.. والمذهبية الفكرية والمناطقية الذي باتت تلوح في الأفق.. وخصوصا من قبل بعض القوى التي يحلو لها أن تعبر عن تزيفيها للحقائق وللوقائع على حساب الأخرين.. فمن المعيب أن نكذب.. ونتنكر.. ونتخلى عن الوطن ونحن نتحدث ونتكلم باسم اليمن.. ومن الإجرام أيضا أن نتملق ونتآمر ونخون ونحن نتحاور ونتوافق ونتعالى باسم الوطن.. ربما إلى هنا يكفي ازدراء يا ساسة.. ويكفي استهزاء يا زعامة.. ويكفي انتقاصا يا حراك ويا جماعة.. ويكفي استعلاء واستكبارا يا متنفذيون ويا تجار البضاعة.. فالشعب والوطن واليمن قد مل من ثقافتكم المشبوهة.. ومن تصرفاتكم المخذولة.. ومن نزغاتكم المحسورة.. فالشعب اليمني- بكل فئاته الشبابية والاجتماعية والقبلية والثورية والوطنية والمتطلعة واليمنية الأصيلة- هي من لها القرار وهي من لها أن تحدد المسار ولها الأمر والنهي وهي من سوف تتخذ القرار ..فالوطن واليمن بألف خير والأيام القادمة كفيلة بان تقودنا إلى الخيرات والى التنمية والى الأمن والاستقرار.. فلا داعي للكذب وللتظليل واللهث وراء الشجون.. والله المستعان..
د.فيصل الإدريسي
عندما نكذب ونحن صادقون..!! 1053