مشاهد عدة تدفعك للكتابة في بلد لم يعد لنا فيه غير مسمى وطن ،أو بقايا وطن الجثث متناثرة هنا وهناك والدماء تسيل والمنازل تقصف وتسقط على رؤوس ساكنيه ولا حياة لمن تنادي, بالأمس أذهلني مشهداً لأسرة من عمران تركت الأرض والمنزل والمزارع وأصبحت في العراء في احد شوارع صنعاء تفترش الأرض وتلتحف السماء فوجئت بثلاثة أطفال قبل الإفطار يقفون بجانبي في الشارع العام وفي وجوههم البؤس وفي عيونهم الحزن ،اقتربوا مني رويداً رويداً ،لا يمكن للكلمات أن توصف هول الحدث المهول والمفزع لم استوعبه حتى اللحظة ،أطفال بعمر الزهور يبحثون عن لقمة عن فطور عن غذاء يا لهول المشهد سألت نفسي قبل أن اسألهم من أين انتم ؟ ترى لو كانت لنا حكومة أو دولة هل سيكون أمثال هؤلاء الزهور في الشارع يبحثون كسرة خبز ؟ ثم وجهت سؤالي لهم من أين انتم ؟ قالوا من عمران تركنا بيتنا ومزرعتنا ومات أبونا في الحرب ولا عائل لنا ، لم أتمالك نفسي من الحزن والألم على هؤلاء وأمثالهم من أطفال اليمن الذين فقدوا عائلهم لكنني أخفيت حزني ودموعي كي ازرع فيهم روح الأمل بالحياة وان القادم أجمل رغم قتامة المشهد وعدم ثقتي في وجود دولة بل كأننا نعيش في ظل اللا دولة اللا نظام اللا قانون اللا مسؤلية في ظل حكم هذه العصابة التي لم تعد لها مشروعية إطلاقاً !
المشهد الثاني:
أسرة يمنية مكونة من أب وأم وأربع فتيات في عمر الزهور قدمت من ويلز لقضاء فترة إجازة لمدة شهر والعودة إلى بريطانيا محل إقامة الأسرة توقف الرجل مع أسرته في صنعاء لأيام قبل الانتقال إلى مسقط رأسه تعز ،ذهبت الفتيات الصغيرات لشراء الحلوى من البقالة بجوار المنزل الذي تسكنه تلك الأسرة في الشارع حفر ومطبات وأكياس وقمامة إحدى الفتيات امسك بقدمها كيس بلاستيكي وسقطت أرضا واتسخ فستانها قامت وبصوت عالي قالت: سأخبر أمي إني أريد العودة إلى ويلز لا أريد اليمن, فضولي قادني لطرح سؤال على الفتاة الصغيرة قلت لها: اليمن جميلة ورائعة ؟ قالت لا لا إنها مليئة بالأوساخ والحفر والمطبات قلت في نفسي هذه أوساخ وحفر ومطبات مقدور عليها يا فتاتي أن ما نخشاه هي الحفر والمطبات والأوساخ التي تصنعها دولة هادي ووزير دفاعه الأرعن بفتح الطريق لعصابات الحوثي للوصول للمدن والقرى اليمنية بل وفتح المعسكرات مؤخرا لهم وتقديم السلاح الثقيل لهم وكل العون لمليشيات الإرهاب والتعامل مع تلك العصابات كالند للدولة أنها الكارثة يا فتاتي والمصيبة أن تعودي في الزيارة القادمة لبلدك وقد صارت تلك الجماعات الإرهابية في قلب العاصمة تسفك الدم وتقطع الطريق وتنتهك الأعراض وتعيث في الأرض فسادا وليس بمقدور احد إيقافها أو الوقوف في وجهها خاصة وسيكون ربما السيد هو الحاكم بأمر الله في صنعاء أو اليمن بأسرها!.
ختاماً.. أرجوكم احترموا المسؤولية الملقاة عليكم يا سادة قبل فوات الأوان!.
عبد الباسط الشميري
بين أطفال ويلز وأطفال عمران!! 1357