لك الله يا غزة ..ما إن يسمعوا بأبسط مآسيك حتى يسارعوا لاستغلال الجراح واستثمار الدماء والاشلاء والتباكي بعيون التماسيح .. والهبة إلى جمع ما يمكن جمعه من بقايا الضمير العربي واستنزاف ما تبقّى من تعاطف وغيرة ..
للأسف يا أطفال غزة .. فهناك من لا هم له إلا صب الزيت على النار واستغلال جرائم العدو الصهيوني لجمع الأموال والبكاء والعويل نيابة عن أسركم الكريمة التي تتجرع مرارة ذلك الصلف ..
أعذروني يا أطفال غزة فقد بدأت أشك في حقيقة تلك الصواريخ والطائرات والاحزمة الناسفة والدواعش والإخوان والشيعة والسنة واللحى والعمائم .. وحقائق المقاومة .. فما أجد غير مقاومة وهمية تنشط في مواسم النكبات والمحن لتظهر ممارسة عملية التسول بأشلاء ودماء الاطفال ومعاناة الآباء والأمهات ..
يا أطفال غزة مخاوفي تتضاعف كل يوم وأنا أتابع ما يجري في أرض فلسطين الحبيبة خصوصاً عندما اكتشف بأن خلافات البيت الفلسطيني قسمت التعاطف العربي الى قسمين وإن كانت بعض المؤشرات تؤكد على تغلب الاطراف على عقبة الصراع.
ولا تغضبوا يا أطفال عزة إذا قلت لكم إن حكايات المقاومة والصواريخ والطائرات من دون طيار مجرد أكذوبة صهيونية جديدة يحاول العدو الصهيوني تحسين الصورة القبيحة لجماعات الاخوان المسلمين الذي تمكن من زراعتها في جسد الامة الاسلامية واستغلال تلك الخدع كمبرر للتوسع والتنكيل بفصائل المقاومة الحقيقية.
يا أطفال غزة أعذروني لو قلت بأني اشك في أن الكيان الصهيوني المستفيد الحقيقي مما قد يصل اليكم من فتات أو بقايا مما يُجمع من أموال من قبل المتاجرين بدمائكم الزكية.
أعذروني يا أطفال غزة اذا سألت عن أنفاق سيناء .. التي كانت .. وحقيقة الجماعات المسلحة التي سمعنا انتصاراتها ضد الجيش المصري .. وحقيقة قدرات حركة حماس التي تمكنت من اختراق الشرطة المصرية وإخراج قيادات الإخوان المسلمين من السجون المصرية بمن فيهم محمد مرسي الذي أصبح بعد ذلك رئيساً لمصر قبل أن يعود إلى السجن.
أجيبوني يا أطفال غزة لماذا لم نسمع عن أي تفجير انتحاري ضد أبسط رتل عسكري صهيوني أو دورية شرطة في إطار قطاع غزة أو أي مكان من الارض الفلسطينية .. لماذا لم تًظهر حماس قدرتها على اختراق سجون الاحتلال واخراج المناضلين الحقيقيين .. وكأن في الأمر سر .
يا اطفال غزة .. للأسف أن من يتحدثون باسم قضاياكم ويتباكون على جراحكم هم من يتاجرون باسم قضيتنا العربية الاولى يبيعون كل يوم جزءاً .. وكلما يلوح في الافق بارقة أمل يعيدون قضيتنا للخلف سنوات .. يوعدون بالتحرير من النهر للبحر ووفق للخرائط ووفقاً لما قبل وقبل .. لكن كل تلك العبارات المعسولة والزائفة ما تسمع إلا في الخطب والمنابر وأمام البعض من وسائل الإعلام ..
أطلب منكم يا أطفال غزة العفو فقد يكون ما أطرحه صادماً للبعض.. لكن ما آراه في الواقع يقول لي ذلك ويجعلني أتساءل مع نفسي .. ولعل أكبر سؤال لماذا اغتال العدو الصهيوني الشيخ أحمد ياسين تحديداً ولم يغتالوا شخصا آخر من قيادات حماس .. لا تغضبوا لو قلت بأن معظم قيادات الفصائل الفلسطينية عُمال بأجر لدى سلطات الاحتلال .. وكل يوم يؤكد ذلك وما الدواعش والقاعدة والجماعات الدينية الأخرى المنتشرة في كل البلاد العربية إلا صناعة صهيونية لتفتيت الدين الاسلامي والقضاء على ما تبقى من ضمير وكرامة لدى العرب.
تنبهوا يا أطفال غزة فالمؤامرات كبيرة ولا تركنوا إلى مزحة الطائرات من دون طيار ولا على الصواريخ ولا على مفاوضاتهم .. ولا تنساقوا وراء المخططات الجهادية المزعومة التي لم نرَ منها إلا مزيداً من الذل والهزيمة والإحباط.
عبد الكريم النهاري
لكم لله يا أطفال غزة 1681