ينتابني شعور بالأسى والحزن على ما آل اليه واقع التعليم في اليمن، وحزن على نفسي وأهلي الذين علقوا به آمالا عراضا، جميع الطلاب بات مستقبلهم الدراسي مرتبطاً بما يسمى (واسطة) و(فيتامين واو)، الأمور أصبحت كالآتي: من كان له سند وظهر سيأخذ مكان وكرسي طالب درس وتعب لتحقيق حلمه وحلم عائلته!.. هذه هي قصة مئات الطلاب المجتهدين الذين يبذلون كل ما في وسعهم في تحقيق حلمهم، إلا أن العقبات الكثيرة والكبيرة تأتي لتسد عليهم الطريق.. لماذا القائمون على الجامعات والعملية التعليمية في بلدنا يحطون مستقبلنا ويخونون الأمانة؟ لماذا جعلوا الأولوية لصاحب الرشوة الوساطة بدلا عن صاحب العقل والنبوغ والاجتهاد؟.. ألا يشعرون بتأنيب الضمير؟ ألا يشعرون بالخزي والعار بمايفعلون؟.. لكن مع من أتحدث؟ أتحدث عن أناس باعوا ضمائرهم وأخلاقهم لأجل المادة..

يرضي من هذا؟.. طلاب معدلاتهم في الثانوية ضعيفة جدا غير مقبولة لدخول كلية الطب، لكن نجدهم يدرسون في كلية الطب!، وعندما تسأل كيف؟ تأتيك الإجابة: (دفعت !) أو وساطة (عمي) أو (خالي فلان )!!.. هكذا الأمور تجري في جامعات اليمن، يرضي من هذا عندما تخبر أحدا انك سوف تدخل كلية الطب.. أول سؤال يتبادر إلى أذهانهم وإن كانوا يعلموا أنك متفوق.. هل لديك فيتامين واو!؟.. هل يجب أن يكون لدي المادة (العملة الصعبة) أو واسطة كي يتم قبولي أنا المتفوقة المجتهدة، كما يتم قبول المئات من الفاشلين ممن لا يستحقون أن يجلسوا في كلية هامة وخطيرة على مستقبل وحياة الناس مثل كلية الطب.. ونتساءل بعدها: لماذا يموت الآلاف في مستشفيات اليمن نتيجة الأخطاء الطبية الفادحة التي يرتكبها أطباء لا يستحقون أن يكونوا أطباء، ودرسوا الطب ونجحوا ونالوا الشهادة هكذا على البركة وبالرشاوي!.. فيدفع أناس كثيرون ثمنا باهضا نتيجة عدم استحقاق الفاشلين دخول كلية الطب!، ألا يشعركم هذا بالقهر أن الطالب (المثابر النابغة) يدخل امتحان القبول ويكون كرسيه محجوزا لابن مسئول أو ممن يملك المادة؟.. ألا تشعرون بالذل والقهر عندما ييأس الطالب المجتهد من الالتحاق بكلية أحلامه التي حلم بها من صغره، فليس له خيار غير أن يترك حلمه ويلتحق بكلية أخرى لم يحلم بها ولا يحبها، ولكن واقعنا هو من فرض عليهم ذلك.. ألا يعلم أو يفكر هؤلاء المسؤولون عن التعليم الجامعي في اليمن أنهم مبعوثون ليوم الحساب ليجزيهم الله على ظلمهم وخيانتهم للأمانة وتدميرهم لمستقبل آلاف الطلبة النوابغ المتفوقين، بقتل أحلامهم، وكسر نفوسهم.. شلت أيديكم أيها الفاسدون!. شلت أيديكم.. لكن ماذا عساي أن أقول لأناس باعوا ضمائرهم وخانوا أمانتهم غير (اللهم عليك بكل ظالم ظلم أو قهر أو سلب ونهب ما ليس له).. اللهم آمين.