ﻻ شك أن اليمن تشكل جزءا مهماً في العالم العربي من الناحية الديموغرافية والجغرافية والتاريخية وهي تتأثر وتؤثر في محيطها وكانت قد سلكت بثورتها الشبابية مسلكا منعزلا عما حدث في بقية البلدان العربية, حيث نجد في سوريا مثلا تحويل الثورة السلمية إلى ثورة مسلحة بعد أن يئس الشعب السوري من المجتمع الدولي الذي عجز عن إنقاذه من مذابح الأسد وتبعه الشعب العراقي وبنفس الطريقة إلا أن الشعب اليمني- الموصوف بحكمته- اتجه إلى مرحلة توافقية التي وضعها الأشقاء وأيدها المجتمع الدولي ظاهريا وظل هذا المجتمع يؤيد التوجه اليمني والنموذج اليمني في الوقت الذي كان يشكو من ظاهرة الدواعش في كل من سوريا والعراق..
ولو نظرنا بعمق لهذه الظاهرة سنجد أنها نتاج لسياسة غبية ينتهجها الغرب وحلفاؤه فهل كانت ستظهر هذه الظاهرة لوكان وقف المجتمع الدولي ضد ظلم بشار؟
وهل كانت ستظهر بالعراق لو وقف ضد ظلم المالكي؟
بالتأكيد كل العقلاء سيقولون: لا.
لنعود إلى اليمن- الذي سلك مسلكا حكيما- إلا أن هذا المسلك ينهار بسرعة لتصارع المشروعين الإيراني والغربي على القصعة السنية ويبدو أنهما قد اتفقا أن الغرب يأخذ مصر بإسقاط حكم الإخوان وإيران تأخذ سوريا والعراق وأظن أن اليمن يراد له أن يكون من نصيب إيران وهذا ما نلاحظه من دعم غربي لمشروع الحوثي بالسكوت على ما قام به بالدوس بجنازر الدبابات على مخرجات الحوار الذي زعم الغرب أنه حاميها فأسقط- بتآمر داخلي- قوة كانت تمثل سندا حاميا لإحدى بوابات صنعاء.. ثم تلتها قرارات رئاسية لاشك أنها ستضع قيادة الإصلاح في موقف حرج أمام قواعده بصفته قوة سياسية شريكة في صنع القرار (حسب الواقع كقوة لا يستهان بها وحسب المبادرة الخليجية)..
كيف لا وهم يرون مؤيدي الثورة السلمية يقصون لصالح تقوية الحوثي ومؤيديه؟!.. إن هذه القواعد في حالة الغضب والحنق يصعب السيطرة عليها حين ترى تآمر على سلميتها وعلى دينها وهويتها ووطنها ولن ترضى بتسليم اليمن إيران أو غيرها.
ومن جهة أخرى فإن الجماعات- التي تؤمن بحل (العصا)- ستقوى شوكتها وسيتعاطف الشعب معها وبعد ذلك لا يلوم المجتمع الدولي إلا نفسه اذا ظهرت دواعش في اليمن وليس داعش.
فأتمنى أن يراجعوا خططهم ويكفي سوريا والعراق نموذجا للاعتبار
والله نسأل أن يحفظ بلادنا من كل شر وسائر بلاد المسلمين.
محمد بن ناصر الحزمي
الخيار الصعب دعوشة اليمن 1928