من منّا لا يسمع تراتيل الأئمة بآيات الذكر الحكيم كل يوم, طوال العام ؟!
نسمعها لعدة مرات , تنبعث من المآذن , ومن الإذاعات, ومن مسجِّل "الباص" العام , ومن قنوات القرآن الكريم ..
غير أن الكل أيضاً يشعر بفارق في السماع, وأثره في أيام, وليالي رمضان !
يصبح صوت إمام الحي شجياً عذباً مؤثراً, بعدما كنا نشكو من سوء قراءته , وخلل في حنجرته, يتغير سماعنا له فجأةً, حتى يكاد البعض يظن بأنه قد تم تبديله !
ربما لأجل ذلك سمي شهر رمضان شهر القرآن , ليس لأن القرآن نزل فيه إلى السماء الدنيا فحسب, وليس لأنه شهر قيام بآيات القرآن, بل لأن لسماع القرآن فيه وقعٌ بديعٌ في النفوس خلال ساعات هذا الشهر المفعم بالجمال, والروحانية, والتلذذ بالعبادات ..!!
ومن لا يشعر بفارق, ويجد نفسه محروماً من هكذا شعور؛ فإنه يحتاج إلى وقفة طويلة مع نفسه..!
كان العارفون يعتبرون حال الإنسان حين سماع القرآن مقياساً لرسوخ إيمانه , وسلامة قلبه, فكلما كان التذاذه بالسماع القرآني أعظم, دلَّ ذلك على قُربه من قائل هذا الكلم العجيب, الذي لا يسأم المسلم سماعه وترديده أبداً !
الطبيعي أن يلتذ المسلم بسماع كلام ربه دوماً, وفي كل الأوقات , غير أن له في رمضان شأناً آخر, ومذاقاً مختلفاً !
ربما لأن كل مفردات الحياة في رمضان تهيئ الإنسان للحضور , والسماع القلبي, وربما لأن النفس تتجافى في شهر رمضان عن التكالب على ملذاتها, وتتسامى فوق مَطالِب الجسد وشَرَه الشهوات , فتخف الروح, ويصفو القلب؛ فيستعد للذات من نوع آخر , لذات معنوية , وروحية مختلفة , فهو يدرك من لذة سماع القرآن في رمضان ما لا يدركه في سواه, وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء, والله ذو الفضل العظيم ..!
نبيلة الوليدي
لذة السماع !! 1193