من نافلة القول إن اختلاط الأمور حابلها بنابلها على كل ذي لُب في هذا الوطن, فلم يعد المواطن قادراً على التمييز بين ما يعتمل في المشهد اليمني, خصوصاً خلال هذه الفترة العصيبة من حياة الشعب اليمني والذي يعاني الأمرَّين نتيجة تتابع الأزمات المتلاحقة عليه ومن كل الاتجاهات ،غلاء فاحش في مختلف المواد الأساسية وغير الأساسية مع انعدام الخدمات الضرورية كالمياه والكهرباء واختفاء المشتقات النفطية من بنزين وديزل مع انفلات أمني غير مسبوق وبروز ظواهر القتل والاحتراب وفي عدد من مناطق ومديريات الجمهورية, في حضرموت, في أبين, في عمران, في صعدة, في الجوف, في مأرب, حتى في العاصمة, لا استثناء لهذه المدينة أو تلك, الجميع تحت رحمة مليشيات مسلحة خارجة على القانون والدستور ولا تعير أمن وسلامة واستقرار الوطن أدني اعتبار أو اهتمام وجُل همها تنفيذ أجندات خارجية, إقليمية أو أجنبية, أو حتى وفق رغبات شخوص وأفراد ينفذون سياسة ورغبات قيادات تتبع أحزاب أو تنظيمات مختلفة لا همَّ لهم إلا اختلاق الأزمات واستمرار مسلسل العبث بأمن الوطن واستقراره, متجاهلين ومتناسين (هؤلاء) قدرة الله على إنصاف المظلومين من عبادة ولو بعد حين وغير آبهين بحكمة الخالق جل في علاه من خلق الإنسان وجعله خليفة له في الأرض يعمرها ويحييها لا أن يفسد ويعربد فيها كيفما يشاء أو وفقاً لتعاليم ورغبات قيادات و شخصيات مريضة مهووسة بحب السيطرة والاستعلاء والإفساد في الأرض أملاً في الوصول الى أهدافها ومآربها الظاهرة منها والخفية, لا فرق بين من يسعى لخدمة السيد في "قُم" أو الأمير المتأسلم الذي يتخذ كهفاً من الكهوف في تورا بورا أو في جبال أبين أو في صحراء الشام مقراً له ولدولتهم المزعومة, الجميع حسب اعتقادنا تلطّخوا بدماء اليمنيين ودماء ناس كُثر من أبناء المعمورة لا حصر لهم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم, كم من جرائم و آثام وذنوب وخطايا تُرتَكب وباسم الدين وباسم الله؟!ولو علم أولئك بمقدار جُرمهم وعظيم ما باؤا به من آثام وحماقات لما اقتربوا مجرد الاقتراب من دماء المساكين في اليمن وغيرها من بلدان المعمورة, لكن ما يحدث اليوم مُفجِع ومُفزع في آن, خاصةً وكل فريق من أولئك يقرأ وينظر لأفعاله المشينة على أنها تأتي تحت بند الجهاد’ وأي جهاد هذا الذي يجيز لك تهجير أُسَر وعائلات من قُراهم وبيوتهم ومن أراضيهم, كونهم يختلفون معك في الرأي ولا يقبلون بما تمارسه أنت من أفعال مشينة لا يرضى عنها أحد من الخلق؟ بل أي جهاد هذا الذي يبيح لك دماء وأعراض أناس وأسر وعائلات لا ذنب لهم سوى أنهم كانوا على مقربة من الحدث بل في قلب الحدث, عمالاً أو جنوداً أو مواطنين أو عابري سبيل الأقدار ساقتهم إلى هذا المكان الذي اخترته أنت كساحة جهاد مزعومة؟!...
وختاماً, يا ترى ما هو الفرق بين من يفجّر بمجموعة جنود في نقطة أمنية أو في مطار مدني أو في طريق عام وبين من يسفك دماء المواطنين في قرى ومديريات عزل في الشمال أو في الشرق ويهجِّرهم من منازلهم وقراهم ومديرياتهم وبين من يقطع الطريق وينهب المواطنين أو يعتدي على أبراج الكهرباء فيتسبب بأفعاله تلك في موت كثير من المرضى في مستشفيات الجمهورية بسبب قطع الكهرباء عن الاجهزة الطبية أو موت الأطفال بسبب الحرارة في بعض المحافظات الساحلية؟ بل ما الفرق بين من يهرِّب الديزل والبنزين بهدف الكسب والربح السريع على حساب "الغلابة" وأقوات الفقراء في هذا البلد المثخن بالجراح وبين من ينهب الخزينة العامة ويسرق المال العام؟ حقيقة لست بصدد الوعظ والإرشاد في هذا المقام, لكنني أذكّر الجميع بعواقب سوء الأفعال التي تقود الى قعر جهنم والعياذ بالله ثم (لله الأمر من قبل ومن بعد).
عبد الباسط الشميري
تجار الأزمات والمتاجرون بأوجاع الغلابة متى يُصفَّدون! 1186