ما زالت سكينته حمراء, تقطر دماً ومازالت أشلاء ضحاياه عالقة بترسانة الآلية المجنونة، والنحيب ممتد إلى حيث الجهة الأخرى لسقوط المطر، لكنه لا يتوانى ليطل علينا بخطاب وعظي يدعونا للتآخي ونبذ العنف والفرقة والخصام وتوحيد الصف وإيقاف نزيف الدم ويحذرنا من مؤامرة الأجنبي على بلد؛ يطحنه عنفاً ودماراً وينثره بوجه الريح..
أرواح أحبتي التي أزهقت ودماء اخواني التي سُفكت وعائلات المقهورين التي شُردت ودور الغلابى التي دُمرت، حتى بيوت الله التي نُسفت لم تعد تهمنا بعد هكذا خطاب همجي..
فكل ما يثير الغرابة ويشعل فينا الأنين؛ حين يصبح القاتل بجلباب الدين يتقمص دور النبي لهداية أمة؛ يقتلها فردا وجماعة ويدعو لتوحيدها وإيقاف نزيف دم ابنائها ويحذرها من غزو محتمل ويرحب بداعي الموت ويدشن ألف غزوة لهلاكها..
هل يظن الواعظ الدموي الكافر بالوطنية أنه سينجح في خدع الجماهير؛ "أن تؤمن به زعيما قوميا" أو أن خطاباته باتت تجدي وتهديداته باتت تخيفنا الآن أو أن غزواً سيأتي من وراء البحر هو أول مبشر به، فكرة قد تجمل صورته القبيحة لدينا..
ربما تناسى أن المهووسين بالدماء لا يصنعون السلام ولا يجيدون فن الخداع بالمشاريع الزائفة، فهم فقط ربما يخربشون وجوههم بشفرات الحلاقة ويتوهمون أنهم يجرون عملية تجميل لصورهم الممقوتة..
عبد الحافظ الصمدي
الواعظ الدموي.. 1492