هكذا هو لسان الحال لمن يتأمل المشهد السياسي اليمني, والمؤسف أن ما يجري لم يكن من باب المصادفة أو مجاراة للأحداث بل هو مخطط مرسوم ومدعوم من الداخل والخارج، وهذا ما تبرزه الأحداث سيما الأخيرة منها.
ففي إعلان لجنة الوساطة الرئاسية في عمران عن إقامة صلح يتضمن وقف إطلاق النار كان من ضمن البنود ما يشير صراحة إلى إقالة العميد حميد القشيبي. كما تتكرر محاولات الاستهداف للوزير عبده حسين الترب وزير الداخلية ليخلو الجو بعد ذلك للمليشيات المسلحة وتتمكن من إحكام سيطرتها على ما تبقى من البلاد.
والعجيب في الأمر هو ذلك الصمت المريب من الرئاسة عن توسع جماعات الحوثي تمكينهم من السيطرة وطي بساط الدولة .
وعلى الرغم ما تقوم به مليشيات الحوثي المسلحة من إقلاق السكينة العامة وقطع السبيل وترويع المواطنين والسيطرة على بعض المناطق وانتشار النقاط التابعة للمليشيات المسلحة وقيامها مقام الدولة إلا أن ذلك لا يمثل خطراً كبيراً لدى رئاسة الدولة كون ذلك لم يصل إلى تجاوز الخط الأحمر حسب قول الرئيس هادي.
أما على الصعيد الخارجي فتقرير جمال بن عمر الأخير قد زاد الأمر جلاءً ووضوحاً في هذه اللعبة التي تستهدف البلد، وربما تبقه في أتون الطائفية والعنصرية المقيتة,
ولذلك نجد أن التهديدات الأممية التي أصم أذاننا بها مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن جمال بن عمر؛ أنها ستشمل كل معرقلي مخرجات الحوار الوطني إلا أنها لم تشمل جماعات العنف المسلحة في شمال الشمال وكأن لإعاقة مخرجات الحوار عندهم معنى أخر، وسأذكر هنا ما قاله جمال بن عمر في تقريره الجديد لدى مجلس الأمن كما هو في صفحته على الفيس بوك قال " ناقش مجلس الأمن في أبريل الوضع في الشمال، حيث يتقاتل الحوثيون ومجموعات مسلحة أخرى. وقد أحطت المجلس بالتطورات الأخيرة، تحديداً الاشتباكات ومحاولات وقف إطلاق النار في عمران. وأبلغت المجلس بالحاجة إلى مسار سياسي في الشمال يجعل الهدن الحالية مستدامة ويضع خطة سلام عبر مفاوضات مباشرة مبنية على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني".
ومن خلال هذا الكلام يدرك المتابع أن لمليشيات الحوثي وضعاً خاصاً في المنظومة الأممية فهي رغم ما أحدثته من قلاقل وتهجير وبسط نفوذ خارج إطار القانون ومحاربته للجيش إلا أنه ذكر الجهة الأخرى "بالمجموعات المسلحة".
بن عمر يتحدث في تقريره عن الهدن في عمران وكأننا مع دولة جارة، وليس مع عصابة تحاول أن تقوم مقام الدولة وتقاتل الجيش النظامي ثم يضيف بقوله مفاوضات مباشرة مبنية على مخرجات الحوار مع أن مخرجات الحوار تنص على تسليم السلاح وبسط نفوذ الدولة ولا بد من تنفيذها. كذلك إيقاف التمدد والتوسع الحوثي.
هذا يدعونا للتساؤل: لماذا لم يذكر بن عمر في تقريره اشتباكات مليشيات الحوثي المسلحة مع أبناء الجيش والأمن؟ مع أننا نقرأ في الموقع الرسمي لوزارة الداخلية تصريحات بالاعتداء.
ففي يوم السبت 21/ مارس /2014م على سبيل المثال لا الحصر صرح مصدر أمني في وزارة الداخلية بقوله إن عناصر مسلحة من أنصار الحوثيين احتشدت في المداخل الرئيسة والفرعية المؤدية إلى مدينة عمران مدججة بالأسلحة، وأن تلك المجاميع قد عززت بخمسين سيارة وطقماً من المسلحين حيث تجمعوا في منطقة "بضعه" وقاموا بإرسال أربع سيارات مسلحة لغرض فتح الطريق في نقطة الضبر الأمنية التي طلبت من المسلحين عدم الدخول إلى عاصمة المحافظة بالسلاح, إلا أن المسلحين قاموا بالتمترس وإطلاق النار على أفراد الأمن المتواجدين.
وخلاصة الأمر أن هؤلاء المجندين لا بواكي لهم إن هم وقعوا تحت قبضة هذه المليشيات المسلحة. والمواطنون الذين يظلمون ويهجرون من أوطانهم وتصادر ممتلكاتهم وتنتهك إنسانيتهم لن يجدوا في عالم اليوم من ينصفهم لأن الموازين قد قلبت وصار من يعين للدفاع عن البلد والسيادة والمواطنين هو أو من يدفع بجماعات العنف والإرهاب إلى مواجهة المواطنين والعسكريين معاً.
لذلك لم أستغرب عندما قرأت يوم أمس في صحيفة" أخبار اليوم" عن تقديم اللواء الدكتور عبده حسين الترب استقالته من منصب وزير الداخلية وذلك بسبب تلقيه توجيهات رئاسية بعدم الدخول مع مسلحي مليشيات الحوثي في مواجهات, وذلك لأنه تلقى توجيهات كانت مبنية على تقرير رفعه وزير الدفاع اليمني محمد ناصر أحمد اتهم فيه وزير الداخلية بالوقوف وراء أحداث حي الجراف شمال العاصمة صنعاء.
وهنا نستطيع أن نقول" إنه في ظل هذه المؤامرة القذرة على الوطن والمواطنين, لا مكان للشرفاء والصادقين".
بسام الشجاع
لا مكان للشرفاء في البلد 1700